سنحاول هنا أن ندلي بدلائنا الى بئر العملية السياسية محاولين سبر عمق هذه البئر، كي نصل الى أجابة محددة على لسؤال ملح وكبير مؤداه: هل يمكن أن نقوم باصلاح سياسي في أحضان البيئة السياسية القائمة الان في العراق؟
أقول : وقد فهم الجميع أننا نعيش في أجواء مشبعة بالإختلالات السياسية، هل لنا من سبيل للإصلاح السياسي؟..قبل الإجابة على هذا السؤال نحاول الكشف عما إذا كان هنالك راغبون بالإصلاح السياسي..والمشهد معقد بالمصالح، ووضعنا الراهن بكل تعقيداته وصلنا اليه بشق الأنفس، وكان المخاض عسيرا، ولذا فإن الإخطاء كثيرة!..
ومع أن الجميع شخصوا إن الحاجة للإصلاح السياسي هي حاجة وطنية وضرورة حياتية للعراقيين، إلا أنهم إختلفوا على الآليات!...
وهكذا هم بهذا الأختلاف يعودون الى المربع الأول..مربع الذات والفئة والحزب والطائفة والمكون والقومية..وليس هناك من كلمة سواء يتفقون عليها، نعم يتفقون على وجود الخلل، لكنهم يختلفون على تشخيصه ومن ثم يختلفون بالنتيجة على الوصفة الطبية للعلاج..كل ذلك يجري لسبب بسيط ولكنه مسكوت عنه،وهو عدم إحترام الدستور وعدم الركون الى مرجعيته كوثيقة وطنية متفق عليها..!
إن خصائص الإختلال السياسي التي تحكمه، هي ذاتها التي تفسر الوضع المرتبك الذي نعيشه وطناً وناساً، وهي: التعدد الاجتماعي الحاد، غياب التقاليد والنظم السياسية الراسخة، وسيادة العمل الحكومي العشوائي، وعدم عدالة توزيع الثروات، والظهور المقلق للأحادية السياسية.
ومادمنا قد توصلنا الى العلة والمعلول والتعليل، فيصبح وصف الدواء للعلة ميسورا شريطة أن يقر العليل بعلته! وهذا أول الطريق الى الحل!..فليس من المعقول عرض مريض على طبيب، والمريض يعتقد أن مابه من علة أمر طبيعي، بل زد بأنه يعتقد بالآخرين مرضى وهو السليم الأوحد بينهم! وزد أكثر حينما يتقمص العليل دور الطبيب فيصف علاجا للأصحاء ومن بينهم الطبيب!...
هذه ليست صورة كوميدية لواقعنا، بل هو الأمر الواقع بالضبط، فجميع القادة السياسيين ـ وبلا إستثناء حتى لا نتهم بالإنحياز لطرف بعينة ـ يقرون بأن حجم الإختلالات السياسية كبير، ويقرون بالحاجة الماسة والعاجلة للإصلاحات السياسية، ومعظمهم يشخص نقطة أو أكثر من الإختلالات التي لو جمعت تشكل عناصر المشهد المختل التي أشرنا اليها!..ولكنهم يختلفون على كل شيء، لأن الإختلاف بات سجية دائمة عندهم وفقا لمبدأ التغالب.
..والحل؟..إن ما نعتقده بأن أفضل وسيلة للمعالجة هي بالرجوع الى مساحة متفق عليها والإنطلاق منها، وليس مثل الدستور من أرضية مشتركة صالحة للإنطلاق نحو بقية التفاصيل.
كلام قبل السلام: الجواهر لا تصنع قلادة مالم يأتي أحدهم و"يلضمها" بخيط..!
سلام....
https://telegram.me/buratha