السيد حسين الصدر
الوجوهُ الصِباح ، والقَسَماتُ المُشرقة ، والملامح الوضّاءة ، والوسامةُ والجمال ، لاتكفي وحدها لترفع أقدار الرجال .... وان كانت في بعض الأحيان عاملاً مساعداً على الشهرة والبروز .لابد أنْ يقترن الجمال ، بالعلم والأدب والفن ، أو بالبراعات ، والكفاءات المهنيه المتميزة ، ليرتفع بها قَدْر الجميل عن سائر الناس ،وليحتل موقعه العالي بينهم ...وفي هذا يختلف الرجال عن النساء ، اذ يبقى الجمال الضافي ، النعمة المتميّزه للمرأة الحسناء ،التي تسحر العيون ، بما تملك من ضروب الفتون ...!!!وفي كتب الأدب والسيرة والتاريخ ، أمثلة كثيرة ، تقدّم فيها أصحاب الدراية ، ممن لم يكونوا موصوفين بالوسامة والجمال ، على غيرهم من أصحاب الوسامة والجمال ، فالجمال حَسَنٌ مقدّر،ولكنه يظل باهتاً إنْ غابت عند خَلْفياتُ المعرِفةِ والإلمام بمهمات القضايا والأمور ...ومن المفيد هنا ان ننقل الحكاية التي أوردها الزمخشري في كتابه ربيع الابرار / ج1 / 241 حيث قال :{ حدّث سعيد بن خالد العدواني ، وكان دميما :وَفَدنا معشر عدوان على عبد الملك بن مروان ، فقدّموا رجلاً منا وسيما، فقال - اي عبد الملك - :ممن ؟ فقال - اي الرجل الوسيم - :من عدوان ، فأنشد - أي عبد الملك - :عذير الحيّ من عدوانَ كانوا حيّة الأرضِبغى بعضهم بعضـــاً فلم يرعوا على بعضِومنهم كانت الساداتُ والمُوفون بالقرضِثم قال له ايه ؟فقال : لا احفظها وكنتُ - اي الدميم - خَلْفَهُ فقلتُ :ومنهم حَكَمٌ يقضي فلا يُنْقَضُ ما يَقْضيفقال له : مَنْ الحكم ؟فقال - اي الوسيم - :لا ادري ، فقلتُ :عامر بن الظرب ، فقال له :مَنْ قائلُ الشعر ؟ قال :لا أدري ، فقلتُ :ذو الإصبع ، فقال :لِمَ قِيلَ له ذو الإصبع ؟ قال :لا أدري ، قلتُ :نَهَشَتْهُ أفعى فقطعت اصبعه ، فقال له :ما اسمه ؟ قال :لا أدري قلتُ :حرثان بن الحارث ، فقال عبد الملك :كم عطاؤك ؟ قال : (اي الوسيم)سبعمائة دينار ، فقال لي :في كَمَ أنت ؟ قلتُ :في ثلاثمائه ، فقال :اجعلوا عطاء هذا لهذا ، وعطاء هذا لهذا فانصرفتُ وعطائي سبعمائه وعطاؤه بثلاثمائه "ان "الوسيم" هنا ، خسر الجولة لصالح "الدميم"وأما السبب :فهو عجز الوسيم عن النجاح في الامتحان ...!!!ان الجواب منه ، جاء بصيغة (لا أدري ) ولا تستوى " الدراية " مع عدمها في الميزان ان الفشل في الامتحان أدىّ الى ان يفقد (الوسيم) أكثر من نصف عطائه -لقد خسر400 دينار تحديداً ، بينما أضيف هذا المبلغ الى " الدميم " صاحب الدراية ، في تفضيل صريح واضح له على صاحبه ، رغم أنهما من عشيرة واحدة هي ( عدوان ) واعضاء وفد واحد ...!!ومن أكبر المفارقات في العراق الجديد أنْ يشّق " الدميم " ،البعيد عن الدرايه ، والمزوّد بشهادات صادرة على سبيل التزوير والنكايه على الوسيم المزود بشهادة لم تصدر الاّ عن مصدر " سليم " وطريق مستقيم، بعيد عن الالتواء والغش والاحتيال..!!ليس عدلاً هذا المسلك الخاطئ الخطير في التعامل مع أصحاب الشهادات والكفاءات وليس مقبولاً ان تتكرر الظواهر السلبيه ، وتتراكم بنحوٍ فظيع، يوجب الاستنكار والتقريع ..لابُدَّ من إجراء الامور ، وفق استحقاقاتها وسياقاتها الطبيعيه ، لا وفق المعادلات الزائفة الشيطانيه .
https://telegram.me/buratha