الشيخ حسن الراشد
معادلة لم يدركها اردوغان الا مؤخرا حيث التقسميات و عمليات التفتيت التي طالت الامبراطورية العثمانية تطلبت اقامة دويلات في عموم في الخارطة الجغرافية للشرق الاوسط تتداخل فيها الخطوط السياسية واخرى طائفية كنوع من الترضية لكل الاطراف التي حملتها اتفاقية سايكس بيكوا الى الحكم ولم تكن تركيا بمنأى عن تلك التقسيمات التي طالت كل اطرافها وتنازعتها الاطراف الدولية لتقيم على انقاضها هياكل تابعة لها او متماشية مع اجندتها وشروط الانضمام الى العالم الذي قاده ويقوده الكبار من خلال قانون "لعبة الامم"! .لعل حلم اردوغان في ضم سوريا الى مشروعه العثماني من خلال احتضان المتمردين والجماعات المنشقة الطائفية في اطار المجلس الاسطنبولي في طور التبخر بعد ان ادرك ان ثمن ضم سورية هو تقسيم تركيا وتحويلها الى اربعة دول ‘ ابرزها الدولة العلوية في انطاكيا واسكندرون تمتمد لتصل الى ادنا ومناطق شاسعة ينتشر فيها العلويون وبكثافة والارقام تتحدث ان عدد العلويين في تركيا يناهز الـ25 مليون علوي كما ان اسطنبول عاصمة القسطنطنية ومقر الاستانة وعاصمة الخلافة العثمانية يتواجد فيها اكثر من مليوني علوي !الغرب ومعها بعض الدول العربية وخاصة قطر ومملكة ال سعود يدفع تركيا للغرق في مستنقع الازمة السورية التي غدت تشكل اليوم نقطة تحول في تشكيل خارطة ليس الشرق الاوسط فحسب بل العالم كله وهو ما اشار اليه المسؤول الروسي الكبير لافروف الا ان زعماء العثماية الجديدة وبتماديهم في المسايرة مع مشروع اسقاط النظام السوري يتغافلون عن عمد عمق الكارثة التي تنتظر تركيا خاصة مع ادراك الجانب السوري لنقاط ضعف الدولة التركية وهي كثيرة ولعل ابرزها هي القضية الكردية وقضية الشعب العلوي في تركيا ومن هنا ايضا نفهم ابعاد قيام الدولة السورية بفتح الجبهة الكردية على الاتراك والتلويح بامكانية تسليح الاكراد بالاسلحة الثقيلة وصواريخ فتاكة دون ان تتطرق الى الجبهة العلوية التي غدت مفتوحة تلقائيا دون الحاجة الى تدخل او دعم سوري مباشر .والواضح ان العلويين في تركيا يشكلون اليوم الثقل البشري والسياسي في تركيا ورغم الاضطهاد التاريخي الذي لحق بهم وتهميشهم واضاعة حقهم في ان تكون لهم دولة على الاراضي التي تسمى اليوم تركيا الا ان امرين اساسيين كانا مانعين في تحقيق حلم العلويين في اقامة الدولة العلوية في تركيا ‘ الامر الاول سياسة القمع التي مورست ضدهم من قبل الدول القومية التركية حيث كان العلويون يتعرضون في تركيا لابشع انواع القمع والمصادرة لحرياتهم الدينية وفرض الطائفية عليهم من خلال التدريس القسري لمناهج التدريس المتبعة في المؤسسات الرسمية وممارسة التمييز الطائفي بحقهم ومنعهم من تطبيق شعائرهم وطقوسهم الخاصة بهم عبر سياسة الترهيب والقمع وحتى القتل لابناء العلويين .. الامر الثاني هو الايحاء اليهم بان النظام القائم في سوريا يمثلهم ولوبشكل غير مباشر رغم عدم تبني النظام في سوريا لمثل هذا الامر الا ان العلويين في تركيا كانوا قد اقنعوا انفسهم بان النظام السوري الحالي كون ان قادته من العلويين السوريين فانه يمثل نوع من الامتداد لهم وبالتالي اكتفوا بما هو موجود في سوريا دون ان يلجئوا الى فكرة الدولة العلوية الكبرى التي يحلمون قيامها في جزء من الاراضي التركية .المؤرخون المعاصرون لم يذكروا شيئا عن وجود دولة تمثل العلويين في سوريا الا ان بعض المطلعين على سياسة الدول العظمى ولعبة الامم اعتبروا عدم قيام دولة للعلويين في تركيا يرجع الى حسابات مناطقية وطائفية خاصة وان سيطرة العلويين على الحكم في سوريا لم تبدأ من اليوم الذي استولى فيه حافظ الاسد على الحكم في اوائل السبعينات بل كانت قائمة ولكن بشكل غير مباشر الا ان مرحلة رئاسة حافظ الاسد هي الفترة التارخية الحاسمة في تأسيس الدولة السورية المستقرة التي كانت تعيش فوضى الانقلابات العسكرية وغياب الوعي الجمعي لدي معظم شعوب المنطقة ولم يستثنى من ذلك العلويون في تركيا حيث ان تطور وسائل الاتصال وانتشار تكنولوجيا ايصال الكلمة صوتا وصورة اوجد وعيا ودراية بكثير من الامور لدي علويوا تركيا الذين رأو في قيادة الاسد تمثيل لهم وهو امر اعتبره بعض المحللين السبب في سكوت العلويين عن المطالبة بدولة لهم في تركيا الحالية .الاتراك اليوم يغامرون بمصالحهم وبوحدة اراضيهم من خلال دخولهم في مشروع خطير يكون هم الخاسرون بالدرجة الاولى فيه رغم الوعود التي اعطيت لهم من قبل بعض القوى الدولية والاقليمية في زعامة الشرق الاوسط واحلام الدولة العثانية على غرار وعود الانضمام الى اروربا التي اصبحت اليوم في خبر كان ‘ حيث ان مشروع اسقاط النظام الحالي بالضرورة سوف يؤدي الى تقسيم سوريا وسيطرة قهرية للعلويين السوريين على جزء منها وبالتالي بروز الانهيار في منظومة الدولة الموحدة في عموم الشرق الاوسط ولن تستثنى تركيا من ذلك حيث ان التقسيم سوف ينالها وان اول المنادين بحقوقهم ودولتهم هم العلويون الذين يشكلون ثلث سكان تركيا فيما الاكراد يبلغ عددهم 18 مليون كردي وسوف ينضم العلويون في تركيا الى العلويين في سوريا لتشكيل دولتهم الكبرى على اراضي واسعة لها امتداد في العمق التركي ومنافذ بحرية على البحر المتوسط يعوضون بذلك خسارة دولتهم في دمشق ..فهل يدرك الاتراك العثمانيون وخاصة دولة اردوغان خطورة انجراره الى المشروع الخطير الذي يقوده بعض القوى الدولية والاقليمية وخاصة اسرائيل الدولة الراعية لكل مشاريع التقسيم والتفتيت وبتواطؤ دول نفطية مثل قطر والسعودية ام انهم يستمرون في تعنتهم وتماديهم في جر المنطقة وتركيا الى مصير مجهول ؟؟
https://telegram.me/buratha