محمد حسن الساعدي
في كل الدول الديمقراطية المتحضرة هناك آليات دستورية للتصويت على القوانين ، او تعديلها ، ويكون متسقا مع الدستور والديمقراطية ، ونحن في ظل عراقنا الجديد ودستورنا العراقي فيه ترجمة حية لتشريع القوانين وفق أسس دستورية .نشاهد اليوم ان المساومات السياسية عادت لتمرير الصفقات الى الواجهة مرة اخرى، وهي حالة طالما تتكرر كلما تعددت مشاريع القوانين الكبيرة واختلفت القوى المستفيدة منها، ليحسب كل طرف مقادير الربح والخسارة مما يقدمه للاخرين او يأخذه هو لمصلحته.واليوم هناك قوانين عدة على طاولة مجلس النواب وتنتظر الحسم والتصويت عليها ، إن المساومات السياسية اليوم هي من تحكم البلاد وتضع العقبات أمام إقرار القوانين المهمة، أذ ان البلاد تحولت الى تكتلات تبحث عن المصالح لتحصل بالنهاية على ما تريد على حساب المواطن والبلاد.لدينا عدة مشاريع قانونية تختلف استفادة كل جهة منها حيث أصبح الكشف عن أساليب المقايضة التي يطرحها أصحاب المشاريع يطرح بلا حياء سياسي او خشية من غضب الجمهور ، بل ان الكتل السياسية باتت أكثر وضوحا في استخفافها بمصالح الشعب العراقي ، الامر الذي يشكل مخالفة أخلاقية قبل ان تكون سياسية حتى من ساسة البلد المخضرمين ، الأمر الذي يقودنا مرة ثانية إلى سلة الصفقات تراكم عدد من القوانين المهمة التي يسعى المستفيدون منها إقرارها بأي شكل من الإشكال، حيث يضاف الى ذلك قانون النفط والغاز ذات الرغبة الكردية ، ومن ثم قانون العفو العام الذي تتقاتل عليه كتلة الأحرار وتعده احد انجازاتها التاريخية لانه يتعلق بعدد كبير من جمهور مؤيديها، ثم يأتي قانون البنى التحتية او الدفع بالآجل الذي قدمته الحكومة مدفوعا من دولة القانون لمكاسب انتخابية معد لها سلفاً ، لجعل المعادلة اكثر توازنا ولا يجد ضغطا سياسيا عليه ، ويدخل التحالف الكردستاني على الخط المطلبي ليبدي تأييده لقانون البنى التحتية اذا كانت في المقابل هناك موافقة من دولة القانون على تمرير قانون النفط والغاز المثير للجدل، ولم تفوت كتلة الأحرار فرصة للاستفادة من تمسك وإصرار الحكومة وائتلافها من قانون الدفع بالآجل لتطرح موضوع مقايضته بالموافقة على تمرير قانون العفو العام، وفي الوقت الذي لم يعد هذا الحراك خافياً على احد تتسع سلة المساومات لتدخل فيها الأطراف المطالبة بالإصلاح لتستخدمها ورقة رابحة وضاغطة في ذات السياق، معللة نفسها بالحصول على حصتها من الصفقة.هذه الثقافة الجديدة في إقرار القوانين والحصول على مكاسب فئوية وجهوية، هي اخطر ما يهدد الترابط الاجتماعي والأمني للشعب العراقي، بل تخلق الى الاحتقان السياسي والذي ينعكس على الشارع العراقي المحتقن أصلاً ، وينتج مكونات مشتتة ومكونات كانتونية ، بل يجعل الجميع يدورون في حلقة مفرغة سببها هشاشة البناء السياسي ، لان اية صفقة لها جانبان الأول يتعلق بالربح الذي يكون للحزب او الكتلة ، وليس فيه جنبه ايجابية للجميع والثاني الخاص بالخسارة التي تشمل الجميع، كلنا نريد التفاهم والاتفاق بين الأطراف السياسية على الاختلاف والتناحر بينهم ، ولكن .. ولكن لا على حساب إخفاء الحقائق وطمس المخالفات وعلى حساب الديمقراطية .
https://telegram.me/buratha