المقالات

أردوغان ويهود الدونمة...بقلم:نجم الشيخ داغر

3850 15:29:00 2012-10-03

 

 

قالوا إن من أكبر خدع الشيطان أن يوهمك أن ليس له وجود، فيتوارى عن الأنظار ليحرك الخيوط من بعيد، أو أن يستتر خلف قناع ما ليخفي وجهه القبيح، لذلك فإن النفاق من أخطر المساوئ النفسية وأكثرها فتكا بالمباني والمشاريع الأخلاقية التي سعى لتحقيقها الأنبياء والمصلحون على مر العصور، وتأتي خطورة النفاق من أنه يقبع في المنطقة التي يتداخل فيها الأسود مع الأبيض، أعني المنطقة الرمادية، فلا هو محسوب على الأبيض متبعا مساراته، ولا هو يمثل الأسود رافعا شعاراته، هذا ما فعله يهود (الدونمة) في تركيا إبان حكم العثمانيين، حينما أعلن مخلصهم المزعوم ونبيهم المزيف (ساباتاي زيفي) في القرن السابع عشر اعتناقه الإسلام بعد أن خُير بينه وبين السيف للرجوع عن أباطيله، مبقياً على حياته عن طريق تغيير جلبابه وأسمه، مغيراً قلنسوة (الحاخام) بعمة (الشيخ)، معلناً لجماعته أنه باق على اليهودية وأن الله هو من أمره بالدخول إلى الإسلام .

قائلاً لهم "لقد جعلني الله مسلماً ، أنا أخوكم محمد البواب، هكذا أمرني فامتثلت، لقد ذكرت الكتب اليهودية المقدسة أن المسيح سيتبع من قبل المسلمين"، وأعلمهم بأنه سيستمر في أداء رسالته ومهمته بالتكيف مع الوضع الجديد .

سذاجة العثمانيين أعطت لزيفي وهو المسلم الجديد حرية الحركة والتنقل، ليجمع أتباعه تحت وثيقة تضمنت 18 مادة ، أهمها المادة السابعة عشر، والتي نصت  على: "يجب أن تطبق عادات الأتراك (المسلمين) بدقة لصرف أنظارهم عنكم ، ويجب أن لا يشعر أحد من الأتباع  تضايقه من صيام رمضان، ومن الأضحية، وكل شيء يجب تنفيذه أمام الملأ" .

وبهذا يكون (ساباتاي) قد أسس ليهود الدونمة، والتي تعني بالتركية (المرتدين،كما اسماهم اليهود) مجتمع سري الهدف منه القضاء على الإسلام من الداخل ومن ثم العمل على نشر التعاليم اليهودية الداعية إلى إخضاع الشعوب تحت سلطة (شعب الله المختار)، فامتزجوا مع المسلمين ليرتقوا إلى أعلى المناصب في الدولة، وكانت أولى ضرباتهم في القرن العشرين، تأسيس تركيا (أتاتورك) .

كل هذه المعلومات قفزت إلى ذهني وأنا أتابع صعود الإسلام السياسي التركي على يد أردوغان وأفول نجم الجنرالات الأقوياء بسرعة عجيبة تثير الفضول!.

المثير أن لليهود مزية يتفوقون بها على سائر الشعوب، هي قدرتهم على التلون وركوب الموجة لترويضها أو حرف مسارها بالاتجاه الذي يختارون .

فالمتتبع لسياسة أردوغان وحزبه الإسلامي السياسي يشعر أن سياسة تركيا أتاتورك لم يتغير فيها إلا الإطار، فمثلما استبق اليهود الأحداث (حسب ظني) وقدموا الأتاتوركية كنموذج للدولة العلمانية، بعد ملل الشعوب المسلمة جور سلاطين بني عثمان وتعسفهم، بادروا لطرح الإسلام الاردوغاني الخاضع لإسرائيل أنموذجا لتطلعات الشعوب الإسلامية المشتاقة إلى عدل الإسلام القديم، هروبا من استكبار وفساد الرؤساء العلمانيين .

 وبهذا يثبت اليهود أنهم دائما يسبقوننا بخطوة أو خطوات، ولا ينخدع اللبيب بالمسرحية الهزلية في العداء الذي يروج له بين أنقرة وتل أبيب، لأنه أشبه ما يكون بمسرحية المقبور (صدام) حينما قصف إسرائيل بأربعين صاروخا تحمل رؤوسا كونكريتية، ليقتل امرأة عجوز وحيدة، لا بفعل (الشظايا الحارقة للصواريخ) وإنما لشدة الصوت الذي أسكت قلبها المتعب من الهلع. ليتحول بعدها إلى (بطل التحرير القومي وقائد العرب المأمول)، وتحصل إسرائيل على الدرع الصاروخي الثمين من أمريكا وتعاطف العالم ضد قضية العرب والمسلمين، فلسطين .

والدليل على ما نقول يكمن في المقارنة بين مواقف أردوغان بشأن إسرائيل وخنوعه لهم وسكوته عن أخذ ثأر الضحايا الأتراك الذين قضوا برصاص الإسرائيليين في سفينة مرمرة المشهورة، أضف إلى ذلك تأييده نشر الدرع الصاروخي الأمريكي في ربوع بلاده، وهو يعلم كل العلم أن الدرع يمثل خطا دفاعيا عن الكيان الصهيوني ضد صواريخ محتملة من إيران الإسلامية، وبين عضلاته المفتولة ورجولته المتفجرة وشجاعته التي تذكر بشجاعة (عنترة) في الدفاع عن المظلومين في سوريا، واستعداده للدخول بجيشه إلى دمشق !!.

وكذلك في إذكائه الفتنة الطائفية في العراق في دعم طرف على حساب طرف آخر، كل هذا جعلني أتساءل ماذا لو كانت (الدونمة) تقف خلف أردوغان وهي من يخط له مسار سياساته في المنطقة، وماذا لو كانت تخطط لإشعال الفتنة في بلاد الإسلام وجعل أردوغان المخلص الجديد للمسلمين ليكمل مشروعهم الداعي لصناعة شعوب جاهلة متناحرة يسهل السيطرة عليها.

حقا أن الشيطان كاد أن يوهم الناس بعدم وجوده، بيد أن من يرجع إلى عقله ويزن الأحداث بمنظوره سيكتشف زيفه ويتمكن من النظر إلى ما وراء القناع .

هكذا أتذكر يوماً كيف قالوا، إن من أكبر خدع الشيطان أن يوهمك أن ليس له وجود، فيتوارى عن الأنظار ليحرك الخيوط من بعيد.

30/5/1003

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ياسمين
2019-10-30
المقال موضوعي الى حد ما بالمقارنة مع معطيات التاريخ لكن يبدو ان كاتب المقال متأثر بكتابات التاريخ التى زيفت حقيقة السلاطين العثمانيين بانهم مستبد ين ومتعسفين لو كانوا كذلك لما سمحوا لطائفة الدونمة من التحرك ولكانوا ابادوهم عن بكرة أبيهم
محمد المالكي
2012-10-05
تحيه للصديق نجم وأضيف على تسائلك ... ماذا لو كان أردوغان نفسه من يهود الدونمه ...
محمود
2012-10-03
ياريت لدينا الكثير مثلك عندما يربط الامور بعقل و روية نحن بحاجة ماسة ان يتنور السواد الاعظم و يعرف كيف يخطط الاعداء لكي يكون استعدادنا كاملا للمواجة تحية للاخ الكاتب المتمكن نجم الشيخ داغر وبارك الله في عطاءك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك