حافظ آل بشارة
الفيس بوك ، ثورة في عالم الاتصال والتواصل ، اخترعه الطالب الجامعي الامريكي (مارك زوكربرج) سنة 2004 كهواية شخصية للتواصل مع اصدقاءه ، تطور المشروع فاستخدمه الغربيون للخروج من العزلة الاجتماعية ، لان اغلبهم فقد الحياة الأسرية ويعيش لوحده ، ثم تطور ليستخدم في الاعلام لتناقل الاخبار والتحليل وتداول الرأي وصناعة الرأي العام واصبح يهدد المواقع الخبرية والصحف ، استخدموه للحوار والتسلية والتبادل المعرفي ، الغربيون يخترعون ونحن نستورد ونفشل احيانا في استخدام مخترعاتهم ، كل من يدخل الفيس بوك يعبر عن نفسه ويشكل مجموعته ذات الاهتمامات المتشابهة ، ومن يريد تصنيف صفحات الفيس بوك في العراق يجد : صفحات خبرية ، صفحات شبابية للتسلية والطرائف ، صفحات تخصصية للفنون والآداب ، صفحات مهنية وظيفية ، صفحات سياسية ، صفحات استقطاب وتحريض ودعاية ، صفحات اباحية ، تعد التجربة جديدة ، وتختلط مجموعات الشباب الذين ليس لديهم ما يقولونه مع مجموعات التسلية والمشاكسة والطيش مع مجموعات الكتاب والمثقفين والاعلاميين في تصنيف غير واضح مع الفوضى والبعثرة كسوق العورة ، جمهور الفيس بوك في بلدنا تطغى عليه صفة المتفرج البارد الذي يستخدم صفحته في السلام على صديقه والتحدث في أمور تافهة ، كان بعض المثقفين يعتقد ان الفيس بوك سيقدم خدمة قوية للتنمية الثقافية في البلد ، شعوب المنطقة استخدمت الفيس بوك في التحشيد والتنظيم للتغيير السياسي وقد نجحت ، اما في العراق فمازال استخدام الفيس بوك محدودا ومشتتا ، بمتابعة بسيطة يمكن معرفة جمهور الفيس بوك الذي يشكل الشباب اغلبيته وطبيعة تعاملهم مع هذه الوسيلة ، هناك مفاجئات وصدمات تصيب المتابع ، مثلا مقال مهم عن الأزمة السياسية في البلد يعلق عليه 3 اعضاء فقط ، مقال مهم جدا حول أزمة السكن يعلق عليه 5 مشتركين ، مقال علمي مختصر وعميق حول أزمة الكهرباء يشترك في مناقشته 4 مشتركين فقط ، بينما في مواضيع أخرى غير مهمة تتدفق التعليقات والآراء ، مرة فوجئت بحوالي 30 تعليقا ضننتها ندوة تتناول قضايا البلد فذهبت فورا لقراءة الموضوع فوجدته مكونا من سطرين يعلن فيه الكاتب المجهول ان الجامعة الأجنبية الفلانية قبلت ابنه للدراسة ! ومرة عثرت على اكثر من 42 تعليقا على صورة شاب يلبس ملابس (جراوي) او (ايمو) وقد التقط صورة الى جانب شلال اصطناعي في احدى المحافظات ، ومرة شاهدت قائمة تعليقات تربو على الستين فانتقلت متلهفا الى رأس الصفحة لمعرفة الموضوع فوجدت ان الفنانة فلانة عثرت على السلم فاصابها (فصخ) فانهالت عليها الرسائل التي لا نهاية لها . أما اذا جاء خبر حول شخصية معروفة وان كان موصوفا بالكذب او الفساد او الفشل او التزوير والى جانب الخبر صورته فسوف تقوم الدنيا وتقعد تمتلئ قائمة التعليقات التملقية والتزلفية التكاذبية : (منور حجي) ، (حياك يابطل) ، (كلنا في الخدمة) ، (روووووعة) ، (شوكة في عيون الاعداء) ... الى آخره . حالة أخرى تفتقر للنضج ان بعض المشتركين يجعل علامته المميزة صورة مرجع ديني او عالم دين جليل او شخصية وطنية محترمة لا بأس لكن عليه ان يتصرف بطريقة تراعي صورة الشخصية التي اتخدها غطاء ، يستخدم صورة مرجع ديني شهير وفي مناقشاته ترد عبارات مثل : ( هلووووو هباوي (تصغير لاسم هبة) كافي عاد حنو علينه ) وآخر يستخدم صورة عالم عراقي وزعيم معروف ويعلق بجمل مثل :( ههههه طاكين شنو هدلال) وصاحب هذه الصورة علق على صورة واعظ وهابي اعور بقوله (عاب هشكل هاذه يخوف جهال) ، المهم في القضية كلها ان حضور المثقفين وصناع الرأي وصناع المعرفة المثمرة قليل على صفحات الفيس بوك ، المقالات والبحوث والمواد المعرفية لا يشترك في مناقشتها الا القليل لأن الفئة الغالبة على الصفحات غير مثقفة وغير متبنية لأي مشروع ، واذا كانت منتمية فهي تفشل غالبا في التعبير عن انتماءها ، الذين يحملون هموم شعبهم يمكنهم ان يتخذوا هذه الوسيلة التواصلية اداة لخدمة التنمية الثقافية والتغيير وبناء المعرفة والرأي العام .
https://telegram.me/buratha