خضير العواد
عندما ثار الشعب العراقي على الطاغية صدام وأزلامه الذين عاثوا بالأرض الفساد وقتلوا الحرث والنسل ، تلك الإنتفاضة التي أسرّت الصديق وأغضبت العدو والتي كسرت حاجز الخوف عند الشعب العراقي ومن ثم عند العالم العربي بأسره ، تلك الإنتفاضة التي سطَرَ فيها أبناء العراق أحلى البطولات وأعظم التضحيات فقد قدموا الولد والأب والأخ ولم يبخلوا بشئ للعراق ، ولكن تكالبت الدنيا عليهم فأجتمع الشر العربي مع العقل الغربي فدفعوا صدام وأزلامه لضرب الشعب المنتفض وبلارحمة ، فقاوم الشعب بكل بسالة ولكن أختلاف القوى والدعم الدولي الذي حصل عليه النظام البعثي فرجح كفة العفالقة ، ولكن ضربة الإنتفاضة صحيح لم تنهي النظام البعثي ولكن قد كسرت ظهره وحطمت كبريائه وغطرسته بعد أن كان البعثيون يسيّطرون على الشارع العراقي وبشكل قوي ولكن بعد الإنتفاضة قد ظهر عليهم الإنكسار والذلة التي سقاها لهم شعب العراق البطل ، وبعد أن تأكد الثوار من فقدان الأمل في مقارعة النظام العفلقي فترك الكثير منهم الساحة العراقية فتوجهوا الى الهجرة ، فألتحقوا بمخيمات اللاجئين التي أنتشرت على حدود دول الجوار وخصوصاً إيران والسعودية في ذلك الوقت ، فقد تجمع الكثير من الثوار الذين شاركوا بهذه الإنتفاضة في مخيم رفحاء للاجئين العراقيين مع الكثير من العوائل التي شارك أبنائها في الإنتفاضة أو التي أرادت أن تنقذ حياتها من سطوة النظام الصدامي المجرم ، وقد عاش اللاجئون العراقيون في معسكرات معزولة وسط صحراء رفحاء المقفهرة وكانت هذه المعسكرات عبارة عن سجن كبير يمنع الخروج منه أو الدخول إليه ولكن بالرغم من ذلك كان اللاجئون يجتهدون في إيصال القضية العراقية الى المحافل الدولية ، وأصبح مخيم رفحاء محط أنظار الإعلام العالمي والمؤسسات الدولية التي كانت تجهل الكثير عن واقع الشعب العراقي ، ولكن وجود اللاجئون قد نقل ما يعاني منه الشعب العراقي الى العالم ، وقد تكررت هذه العبارة من أكثر من قيادي في المعارضة العراقية لولا أنتم يا لاجئي رفحاء لما وصل صوتنا الى الخارج ولم نحصل على المكانة التي وصلنا إليه الأن ، وقد عانا اللاجئون من خلال معاملة السعوديون الوحشية وكذلك غربة الصحراء القاتلة التي قضية على مستقبل الكثير من الشباب والشابات الذين خرجوا من العراق وهم في قمة شبابهم ، ولكن سنين الغربة قد قضت على أمالهم وتطلعاتهم في بناء مستقبل زاهر موعود ، اي أن اللاجئين في مخيم رفحاء قد وهبوا حياتهم ومستقبلهم الى العراق وشعبه لأنهم عانوا ما عانوا بسبب حملهم لراية النضال و الثورة ضد النظام العفلقي المستبد المجرم . وفي المقابل توجد شريحة من الشعب العراقي قد خدمة النظام وناضلت من أجل بقاءه في السلطة بل أعطت لنفسها أسم له مدلولات كبيرة ألا وهو فدائيوا صدام الذين قمعوا الشعب العراقي وظلموه وقتلوا خيرة شبابه ورملوا نساءه وعاشوا في ظل النظام الصدامي المجرم يتنعمون بخيرات العراق التي كان يغدق بها عليهم صدام المجرم ، فكان فدائيوا صدام اليد الضاربة للنظام البعثي التي كان يبطش بها جميع فئات الشعب العراقي ، ولكن بالرغم من التاريخ الأسود الإجرامي لهذه الفئة من الشعب نلاحظ الدولة العراقية الحالية التي نتجت من رحم هذا الشعب المجاهد فلم تلاحق هذه الفئة لكي ينالون جزائهم العادل نلاحظها فعلت العكس تماماً فقامت تترحم عليهم وتعطي لهم رواتب تعاقد لكي يعيشوا الحياة الكريمة بعد أن جعلوا حياة العراقيين كلها عذاب ومعانات ، وبالمقابل نلاحظ مؤسسة السجناء السياسيين قد أعطت ظهرها للذين كسروا حاجز الخوف وناضلوا وأعطوا للعراق كل ما يملكون وضاع مستقبلهم في رمل الصحراء بين الشوك والخيام بعد أن أقرَّ البرلمان العراقي قانون يعتبر لاجئي رفحاء سجناء سياسيين ، ولكن المؤسسة رفضت قبول هذا القرار تحت ذريعة تضيع حقوق السجناء الأخرين ، فهل يوجد إختلاف ما بين نضال السجناء في المخيمات الصحراوية الرفحاوية ونضال السجناء في سجون النظام العفلقي المجرم ، فجميعهم ناضلوا وأعطوا وضاع مستقبلهم من أجل العراق وشعبه ، ولكن المؤسف والمحزن في نفس الوقت أن رئاسة مؤسسة السجناء السياسيين من المناضلين ضد النظام العفلقي والذين عانوا من غربة الهجرة فكنا نتوقع منهم الترحيب بهذا القرار لا الرفض والممانعة التي تفاجئنا بها منهم ، إذا كان المناضلون هكذا يعاملون أبنائهم المضطهدين والسجناء الذين دفعوا ضريبة نضالهم وجهادهم ضد الأنظمة الفاسدة والمتسلطة فماذا نتوقع من الأخرين الذين كانوا يعيشون في ظل النظام البائد ، فإذا كان العراق الجديد يكرم القتلة المجرمين ويسحق المجاهدين والمناضلين فهل هذا هو العراق الذي ناضلنا من أجله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
https://telegram.me/buratha