الكاتب جواد الشلال
الحوار كلمة تتكرر بشكل كبير منذ اشتداد الازمة السياسيه في العراق وليومنا هذا... وربما تستمر لفتره طويله مستقبلا ...ولكثرت ترددها اصبحت ممله وتكاد ان تقترب او تكون مرادفه للوهم ..فلا نحن نعرف متى يبدأ الحوار...ولانعرف كيف سيبدأ الحوار ...ناهيك عن القلق الكبير من نتائج هذا الحوار فيما لو حدث ...اصبح الحوار كما يبدو الازمة الاوليه من حيث ترتيب جدول المفاوضات ويمكن ان نطلق عليه ..ازمة الحوار ..الكثير من السياسين العراقيين يعرف معنى الحوار ويعرف بالتأكيد معنى السجال ويدرك تماما اهدافه وغاياته ويعرف كذلك متى يدخل في دائرة المساجله ومتى ينأى عنها ..ويستطيع ان يلعب على الحبلين في ان واحد كما يقال في المثل ...فحين يكون امر الحوار يصب في مصلحته فأنه يتمترس في غلاف الموضوعيه ويمتطي سرج الوطنيه بأحكام ويبدو عليه كأنه يسعى بشكل جاد الى بناء وترميم العلاقه بين الفرقاء السياسين .....وحين يكون الامر عليه ويبدأ الطرف الاخر يأخذ بناصية الحديث ويقترب من الشكل الاخر للحقيقه ...هنا يفقد الموضوعيه ويتبنى منحى السجال ويتمنطق بالجدل العقيم ويكون بمقدوره ايقاف الحوار والانسحاب تحت يافطات سجاليه شتى ...ويبدو ان السياسي العراقي عندما يحضر للحوار والمفاوضات فأنه يحضر معه ثوبين يرتدي الاول عندما يكون الامر لصالحه ويستطيع ان يرتدي الاخر اذا وجس اي ظن او تلميحا يختلف مع رأيه ...والثوب الثاني فصاله يأتي بلحظة الحوار فمره يكون ثوبا قوميا وتارة اخرى طائفيا وما الى ذلك....اما الحوار الحقيقي فأنه بتعريف بسيط ومتواضع ....هو الاستعداد المبدئي والمعلن والمقبول من كل الاطراف لقبول حجة الطرف الاخر ان اصاب موقع الحقيقه وكبد الصواب...ويعني بشكل افتراضي قبول كل طرف لتعديل موقفه الى موقف او مواقف اخرى جديدة يثبت الحوار صدقها واوليتها وتتأكد بلا شك مقدمات مصداقيتها...غاية الحوار كماهو معروف هو بناء موقف جديد اكثر تقدما ونضجا ومواكبه وعقلانيه من الموقف السابق ..على اثره يتم تبني موقف جديد يخدم الاطراف المختلفه ويدفع بالحوار الى عالم جديد وانفتاح اكبر للتقدم وحل معقول للمشاكل السياسيه ...اذا الحوار ثم الحوار وليس المنازله اللفظيه والجدليه الفارغه التي تخبئ في طياتها غث الكلام والشكوك الظنيه القاسيه..ان الحوار الهادف يندرج جزء منه على الحديث المتواصل المعمق بالادله والبراهين والاستنتاجات الواقعيه والحديث بالحسنى او الامتناع بمعروف وتجذير صيغ واضحه وراقيه تعتمد العليه في القيم والاخلاق الوطنيه النبيله علما ان كل الجهود ومشاربها واصولها ونتائجها محكومة بقاعدة مصلحة الشعب العراقي والحفاظ على قيم ومبادىء الديمقراطيه......اما السجال فهو هدم افكار الطرف الاخر واقصاءه بشكل ماكر وربما خبيث حتى ان توفرت لديه مقومات الحقيقه او نصف مصاديقها ودون ذلك .... الخلاف والخصومه والتشهير والمبالغة في تسويد وجهات النظر...وبما ان الحوار خطوة الى الامام دائما على طريق الوصول الى نتيجه مقبوله التي تكون غالبا ان صدقت النوايا وسط بين نقيضين ...لكن من يتبنى قاعدة السجال يتصور انه يمارس بشكل شرعي وقانوني هجوما كاسحا من اجل خلاص الوطن والامه وانه وحده يمتلك اكسير الحياة السياسيه في البلد ويمتلك بناصية الحقيقة المطلقه دون غيره وربما يمتلك شعورا غير مباشر بان هنالك تسديد الهي يرافق كل خطواته وهو امل الجماهير الوحيد...وهذا الكلام يشمل جميع الاطراف المختلفه ...وهم بذلك يجانبون الحقيقه ومثل هذا التصور يمثل الجهل المطلق وهو المرض الذي يصيب السياسي ويجعله مصاب بداء الرهبه من الحوار والمكاشفه لانه يقرأ الحقيقه من وجه واحد ولايسمح للقراءات الاخرى للحقيقه ..ان السجال الان هو سمه من سمات واقعنا السياسي ونراقب ان يمن الله على سياسينا بالفرج ويشافيهم من فوبيا الحوار....
https://telegram.me/buratha