عباس المرياني
لا اعرف بالضبط ما اذا كان اطفال العراق قبل ثمانينات القرن الماضي قد عاشوا حياة الطفولة والبراءة والاهتمام والتقدير مثلهم مثل اطفال دول العالم الاخرى المقاربة وليست المتقدمة فيما يتعلق بفرص التعليم والاهتمام والتربية والاعداد والتأهيل وحق العيش الكريم ،لان اطفال العراق لم يولدوا ولم يعيشوا حياة الأطفال وبراءتهم بعد ثمانينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا بسبب الحروب الطاحنة التي شنها نظام البعث وما تبعها من حصار ظالم واثم دفعت الطفولة فيه كل برائتها وعفتها ولم تنتهي المعانات حتى يومنا هذا ولم يعش الطفل العراقي مثله مثل غيره حياة البراءة اما بسبب الارهاب الاعمى الذي يقتل الطفل والتلميذ في حديثة وفي حي العامل وفي البصرة والفلوجة وكركوك وكربلاء بحجة الجهاد او بسبب السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد عام 2003 وتجاهلها لهذا المكون الاساس ولم تنتصر لهذه البراءة في سبيل رفعة المجتمع والنهوض بمستقبل البلد.واستمرار تجاهل الاهتمام بالطفولة من قبل أي حكومة يعني السعي عن قصد وإدراك الى تدمير البلد من اقصر الطرق وعدم وضع المقدمات الصحيحة لبناء مجتمع متكامل قادر على النهوض بأعباء المراحل المستقبيلية ،لان البلدان والشعوب المحترمة انما تبدأ من القواعد الأساسية لتقوية أركانها ووضع الأساسات والدعامات القوية القادرة على صد اعتى الهجمات وهذا البناء يكون عادة من خلال الاهتمام بالنشئ الجديد فكريا وجسديدا مزودا بمصل وحب الاوطان والتمسك بها.ويمكن للمتبع بسهولة ان يلحظ مقدار الاهتمام الذي تقوم به الدول المتقدمة لبناء شخصية الطفل وتوفير مستلزمات الحياة الحرة الكريمة له منذ الولادة وتهيئة الأجواء الحياتية والبيئية الملائمة ووضع الخطط التطويرية وتنمية القابليات والمهارات الفطرية لديه وبناء المدارس والمعاهد والكليات إضافة الى تهيئة الكوادر العلمية القادرة على قيادة النشأ في الاتجاه الصحيح.وقد يكون العراق الدولة الأكثر استثناءا واحتياجا في العالم لضرورة الاهتمام والالتفات الى شريحة الأطفال ووضع المقدمات الصحيحة لتربية نشأ مستقبلي لديه الإمكانات المطلوبة للنهوض باعباء المرحلة المستقبلية لأسباب كثيرة منها داخلية ومنها خارجية ،لذا يجب على أصحاب الشأن الاسراع والبدأ من الان بوضع ستراتيجية متطورة للنهوض بالطفل العراق يكون اساسها مبادرة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الاسلامي العراقي لان استمرار نزف الوقت ليس بصالح العراق وشعبه.ان دعم مبادرة السيد الحكيم من قبل أي طرف وطني مخلص انما هو دعم لاعادة بناء وتأهيل العراق وهذا لن يتم الا من خلال بناء الانسان العراقي لان بناء الاوطان لن يتم الا من خلال بناء الانسان ومعروف ان الانسان العراقي عاني الكثير خلال العقود الاربعة الأخيرة الماضية ترتب على اثرها الكثير من الإخلال بطبيعة العلاقة بين الإنسان ووطنه وهذه العلاقة اذا لم يتم اعادتها الى مستواها الطبيعي لن نتمكن من النهوض بوطننا وشعبنا. ان مبادرة السيد الحكيم لدعم الطفولة باختصار تعني إعادة تاهيل الانسان العراقي من جديد وتعني اعادة تمسكه بوطنه وتعني تخلصه من كل رواسب واثار واثام المراحل الماضية باختصار تعني بناء اساس عراقي جديد يكون للتحضر فيه اثر وللتطور ركن وللتقدم املا بعيدا عن الماضي ورواسبه وهذا المشروع لن يكلف العراق كثيرا لان الاموال وفيرة اما تاخير هذا المشروع وعدم اقامته فهذا يعني ان الطفولة لم تولد بعد وان العراق لا زال يقبع في قعر الجهل والظلمات.
https://telegram.me/buratha