بقلم: نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
عملت باحثاً في مركز التخطيط لمنظمة التحرير الفلسطيني (لبنان/1976).. وطُلب مني عرض كتاب لعل اسمه "Thematic assessment of nations' power".. فقدت الاوراق والكتاب، وسابسط الفكرة التي تعتمد موضوعات للقياس..
1- الشعب واعداده.. 2- المساحة والطبيعة 3- الموارد الاقتصادية.. 4- التكنولوجيا ..5- المحيط والتحالفات.. 6- القيادة.. فيحول المؤلف الموضوعات لارقام ومعادلات ونماذج رياضية لقياس مصادر القوة.. او للتخطيط لتحقيقها، بحسن استثمار الثلاثة الاولى.. وبتغيير اوزان المتغيرات (الثلاثة الاخيرة).
فيضع نسبة لكل مليون نسمة، ولكل كيلومتر مربع، ولكل مليار من الناتج الوطني الاجمالي. وبالطبع البحث اكثر تعقيداً.. فالسكان -مثلاً- ليس كماً فقط، بل مقومات اخرى كالدين والقيم والوحدة الوطنية والتعبئة وقدرات الجيوش.. كذلك بالنسبة للمساحة والاقتصاد.. لهذا يصحح المؤلف الاثقال داخل كل موضوع حسب المرتكزات الخاصة به، ويخرج بوزن رقمي نهائي لكل موضوع. اما المتغيرات فهي نوعية، لها معاملات، فيرتفع الثقل، ان كانت (زائد 1) او ينخفض ان كانت جزءاً منه.
عند مقارنة امريكا والصين -مثلاً- ستتقدم الثانية سكانيا (1.3مليار نسمة مقابل 313 مليون) وسيتعادلان في المساحة بتقدم بسيط لامريكا (9.6 م/كم2 مقابل 9.5م/كم2).. وستتقدم الاولى اقتصاديا (9 ترليون دولار مقابل 5 ترليون -2010).. وستعزز الاولى تقدمها، خصوصاً باستخدام متغير التكنولوجيا والتحالفات، مع تحييد عامل القيادة. فامريكا اقوى من الصين موضوعياً.. لكن الصين ستتقدم عندما سيتجاوز ناتجها الوطني الناتج الامريكي (2030)، وتحقق تقدماً في مجالي التكنولوجيا والتحالفات، مع استمرار وحدة وتصميم وحسن ادارة القيادة ومؤسسات الدولة.
فقوة الدول ليست الرجل القوي، بل القيادات القوية المؤسساتية. وليست تمزيق اللحمة داخلياً وخارجياً.. واهمال النوع.. وتجهيل الناس، وتسفيه العقلاء، وهجرة العلماء والخبراء.. وتراجع القدرات الادارية والجامعية والمؤسساتية والاقتصادية. فالعراق سيبدو "تيماتيكياً"، بالسياسات التي يتبعها منذ عقود، من اضعف بلدان المنطقة والعالم، رغم كل الضجيج والشعارات والعضلات المفتولة. آن الاوان لنستيقظ، فلا نقارن فساد بفساد.. وتخلف بتخلف.. وجهل بجهل.. وانقسام بانقسام، بل نسعى لمعالجة عوامل الضعف، ونعوضها بموضوعات نوعية.. ونستثمر عوامل قوتنا ولا نعطلها بالسفاسف والكلام الفارغ.. ونراجع انفسنا، كما فعلت اليابان والمانيا بعد هزيمتيهما.. فنبذتا الدكتاتورية والكراهية والتمييز والعسكرة والحروب والانقسام الداخلي والمغامرات الخارجية.. واعتمدتا التحالفات والادارة الناجحة والتكنولوجيا والاقتصاد اساساً لقوتيهما الجديدتين، فنفعتا شعبيهما، وبقيتا في مقدمة الدول.
https://telegram.me/buratha