بقلم احمد عبد راضي
نحن جيل البعث..احمد عبد راضينحن واقصد بها الاربعينيون ، ولدنا وترعرعنا في ظل البعث ، كنا نسمع ونرى ونشاهد مايريده البعث لا ما نريده نحن ، ولم نكن حينها رافضين لذلك ، بل احيانا كنا فرحين مسرورين بفعاليات الرفاق في حزب البعث العربي الاشتراكي وخطاباتهم المسبوكة بطريقة محكمة واناشيدهم الحماسية التي تدفعك الى الحرب دفعا.نحن جيل البعث ، كنا نتنفس هواء بعثيا ، فلم يكن الهواء حينها اوكسجين وهايدروجين وغازات اخرى ، بل كان الهواء مفعما بالوحدة ومطعما بالحرية ومتبّلا بالاشتراكية ، كانت امتنا آنذاك عربية بامتياز وكانت رسالتها خالدة رغما عن انوفنا، كنا نتظاهر عندما يريدنا الرفاق ان نتظاهر ، يخرجوننا من مدارسنا للتظاهر ، احيانا كنا نخرج الى مكان التظاهرة ونحن لانعلم علام نحن متظاهرون .. لكننا كنا حينها فرحين ، المهم ان نخرج من المدرسة ، ليس مهما الى اين .مرة زارنا المرحوم داود القيسي الى المدرسة ، في المتوسطة تحديدا ، اخرجونا من صفوفنا للاصطفاف ، كان اصطفافا طارئا ، كنت انظر اليه وهو يرتدي الزيتوني ومخي مفرغ من كل شيء الا نشيده الشهير وقتذاك ، (دايمين ودايم وطنا بيكم) ، بل كنت اردده بصوت منخفض ، (سباع ولد سباع ، صنتو شرف هالكاع) ، وقف داود القيسي على منصة وقد وضع يديه بنطاقه وقال بصوت مرتفع ، ( تتطوعون للقوات الخاصة) فلم ينبس احد ببنت شفة ، عم الهدوء المدرسة وكان عددنا وقتها يربو على الـ 600 تلميذ ، كررها ثانية ولا جواب ، في هذه الاثناء كانت احدى اناشيد داود القيسي قد حضرت في بالي ، والتي تقول كلماتها ( المايطوّع شيلة مرته تلوك عليه) فحمدت الله وشكرته على انني لست متزوجا ، بعدها اكفهر وجه داود واصبح ازرقا وغضب واستخدم انواع الشتائم والكلمات البذيئة ، رغم ان اعمارنا كانت لا تتجاوز 14 او 15 سنة ، حينها قررت ان لا اردد اناشيد القيسي ابدا ، لاننا تحولنا خلال لحظات من سباع ولد سباع الى ( نسوان) واشياء اخرى لا استطيع كتابتها او لفضها ، كنا في حينها بحاجة الى 600 (شيلة) على حد وصف الرفيق داود ، لاننا رفضنا ان نتطوع للقوات الخاصة ، وبعد لم نبلغ الحلم ، وبرغم اننا جيل البعث الا ان فكرة ترك الدراسة والتطوع الى القوات الخاصة لم تكن واردة في مخططاتنا.لقد مسح داود القيسي بنا الارض رغم ان ( للقلم والبندقية فوهة واحدة ) منذ ذلك الوقت وانا اكره الشعارات واشعر انها مزيفة ، وربما كل طلبة المتوسطة الذين رفضوا التطوع على صنف القوات الخاصة يشاطرونني الرأي ، ولكن .. اكبر المخاوف اليوم هو ان يتنفس اطفالنا هواء بعثيا وان يرددوا (سباع ولد سباع اهلنا) ، او ان يكونوا جيل البعث .
https://telegram.me/buratha