عباس المرياني
لم يترك رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم فرصة او مناسبة الا واعلن عن دعمه لحكومة الشراكة الوطنية لانها الخيار الوحيد لتحقيق السلم والتوافق بين مكونات الشعب العراقي في مرحلة يصعب عبورها والتخلص من تبعاتها واثامها دون ان يكون المبدأ السائد هو مشاركة الجميع في صنع القرار وتحمل المسؤولية وبث روح الاطمئنان والامان لدى الشركاء خاصة اولئك الذين يعتقدون ان من حقهم ان يكونوا جزءا من المشروع العراقي الجديد.ومن الواضح ان مشروع المشاركة الحقيقية في ادارة البلد والحكم لا يعني مبدأ المحاصصة السائد الان والذي ابتعد كثيرا عن مبدأ المشاركة والتوافق والتوازن واتخذ منحى التفرد والاستغلال من قبل طرف على حساب الاطراف الاخرى مما تسبب في افراغ مبدأ الشراكة الوطنية من محتواه وحوله الى مجرد حفلة ماجنة لشلة من السماسرة والعبيد ،حتى ان الجميع في هذه الحكومة يتهم الجميع والكل يرفض الكل وضاع المواطن بين الخلافات السياسية التي عصفت بحكومة الشراكة الوطنية الحالية منذ الايام الاولى وحتى يومنا هذا وبين انعدام الامن والخدمات ولم يعد بامكانه معرفة من هي الجهة المقصرة ومن هي الجهة التي تعمل لخدمة المواطن العراقي وعلى هذا التناقض وتبادل الاتهامات ضاعت السنوات واحرقت مئات المليارات من الدولارات.وحتى لا يستمر نزيف الاموال والدماء ووقف هذا التداعي الخطير في زمن العملية السياسية في العراق وجد المجلس الاعلى وقيادته الشابة ان مجرد الدعوة الى عقد الاجتماع الوطني والى تقديم التنازلات من قبل الفرقاء السياسيين لم يعد كافيا فكان لابد من تشخيص دقيق للحالة المرضية المستعصية التي تشهدها العملية السياسية العراقية فتبين ان الذهاب الى حكومة الاغلبية السياسية التي تنادي بها دولة القانون وبعض السائرين في فلكها امر بالغ الخطورة لكنها مرحلة يجب المرور فيها والتوقف عندها وهنا سيتحقق احد المطلبين ،فاذا نجحت حكومة الاغلبية وهذا المراد كان بها واصبح لزاما على قيادة المجلس الاعلى ان يكونوا داعمين لهذه الحكومة وهذا هو منهجهم واذا لا سامح الله وفشلت ،عليه فان جهة معينة تتحمل هذا الفشل وتكون مسؤولة امام الله والشعب العراقي والتاريخ.وحكومة الاغلبية السياسية التي دعا اليها رئيس المجلس الاعلى السيد عمار الحكيم لا تنتمي الى حكومة الاغلبية التي لا تضم جميع اطياف الشعب العراقي وانما هي الحكومة التي تضم كل الوان الطيف العراقي او اغلبه والتي تنتمي في فكرها الى لون واحد وتستطيع ان تعمل وفق نظرية واحدة وهذا هو المقصود بمعنى ان الكتلة السياسية الواحدة تضم قوائم متعددة هذه القوائم تختلف فيما بينها بطريقة التعاطي مع الملفات المختلفة التي تديرها الدولة وهذا الاختلاف ينطبق على الكتل السياسية المختلفة ومن منطق الاختلاف يمكن فرز القوائم التي تتفق مع الدولة والقوائم التي لا تتفق مع الدولة وعلى هذا التصنيف يمكن ان نشهد حكومة اغلبية يشارك فيها الجميع ويتحمل المسؤولية القانونية والاخلاقية ونجد معارضة حقيقية يشارك فيها جميع طوائف الشعب العراقي تشخص الخطأ وتترفع عن الصغائر.الشيء المؤكد ان المجلس الاعلى لن يكون طرفا في حكومة الاغلبية السياسية لكنه لن يتردد في الوقوف الى صفها اذا ما تحققت على وفق النظرية التي اطلقها السيد الحكيم لانه لن يكون حجر عثرة امام اي فرصة حتى لو كانت ضئيلة وخطرة جدا من اجل الخروج من نفق الازمة الخطير الذي اوجدتها الكتل السياسية المشاركة في الحكومة الحالية،لكن السؤال الذي يحتاج الى اجابة سريعة وهو هل يتمكن المالكي من تشكيل حكومة اغلبية خلال الفترة المتبقية وهل ستتخلى الكتل السياسية الناقمة عن المناصب والمكاسب ام ان الدعوة التي تطلقها دولة القانون هي شعار السنوات الاربعة القادمة وان الكتل المشاركة لن تتخلى عن العز والملك الذي هي فيه وان كل ما تتكلم به هو مجرد بالونات اعلامية فارغة.
https://telegram.me/buratha