نور الحربي
من بين الحلول والمقترحات الكثيرة التي تم طرحها لانهاء حالة الانقسام والخروج من الازمة السياسية تبرز دعوة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي بتشكيل حكومة اغلبية سياسية تستند الى مشاركة المكونات وهذه الدعوة رغم تاييد اطراف كثيرة لها الى انها لازالت تحتاج الى فهمها جيدا لتطبيقها ومنع الامور من ان تنزلق الى ما لا يحمد عقباه بعد ان اوصدت ابواب حل الازمة ولم يتبقى الا هذا الخيار الذي ينبغي انجاحه لانتشال العملية السياسية من واقع مر, فبين من ينتمي للحكومة ويعارضها ومن يرى انه الاحق حتى لو فعل ما فعل ينبغي ان تكون الوسطية هي الفيصل لتكون المؤسسات والقوى السياسية بين من يتحمل المسؤولية كاملة ومن يرصده ويحاسبه ويعد عليه اخطائه ويوجه بوصلة الاصلاح بالاتجاه الصحيح . لكن سؤال الشارع بنخبه ومن يرى نفسه اهلا لطرح الراي يبقى يحتاج الى اجابة وهو مدى توافر شروط تشكيل حكومة الأغلبية السياسية التي طرحت من قبل لان البعض يرى ان تحقيق حكومة اغلبية مشاركة سيصطدم برفض اطراف كردية وحتى ان شاركت حركة التغيير فهذا لن يكون بديلا عن بقية القوى الكردية التي تحكم اقليم كردستان فضلا عن الدور الذي يراد لقوى الأقلية المعارضة سيكون ضعيفا قياسا بقوى المعارضة في الديمقراطيات العريقة حيث القوانين ثابتة والسلطات الاخرى مؤثرة وقراراتها محترمة لدى الاغلبية وهذا ما لم يتم تاكيده عندنا بفعل التحول البطيء للممارسة الديمقراطية خصوصا ان مثل هذا الطرح وان لم يكن قد صرح به مسبقا لكنه كان حاضرا في ذهنية بعض القيادات خلال المراحل الاولى التي تلت 2003 بفعل سياسات خارجية ارادت افشال التجربة العراقية ككل نعم ان دولا وحكومات اقليمية دفعت باتجاه افشال تجربة من هذا النوع كان قد خاضها الائتلاف العراقي بقيادة زعيمه المغفور له السيد عبد العزيز الحكيم والذي حاول جاهدا جذب اطراف من مكونات شتى لتكون حاضرة في ائتلاف واسع موحد يشكل الحكومة انذاك لكن تلك الدول والارادات الشريرة اتخذت موقفا معاديا ومنعت قوى وشخصيات سنية من الانخراط في هذا الائتلاف وحتى من ترشح فلم يجمع اصواتا بعدد اصابع اليد لان من كان يريد الذهاب بذلك الاتجاه كان يوصف بالخيانة ووصلت الامور حد التهديد بالتصفية ,وهنا نقول ان البعض قد يكون قادرا على مستوى التنظير ويتصور بانه يدفع الامور باتجاه الحل لكنه ربما يفتقر للنضج والارادة السياسية التي تجعله يتنازل كما تنازل المجلس الاعلى عن اكثر من استحقاق سابق سيما وان بلدنا يعاني اليوم من تتداخل المصالح السياسية وتغذية الإنقسامات الطائفية والعرقية الحادة التي تعود بعض أسبابها الى مراحل سابقة تعرض فيها الشيعة والكرد والتركمان وغيرهم الى التهميش والإقصاء مما يدفع قادتها لعدم الثقة باي نظام يقوم على الغلبة حتى لواتت من بوابة حكومة اغلبية مطلقة والتي تعني انطلاق الحاكم والحكومة بلا معرقلات (كالتي في حكومة الشراكة ) ان نظم صفوف كتلته جيدا. وما يخيف البعض بلا ادنى شك هو نزعة المالكي نفسه وتهديده ووعيده وتلويحه المسبق بالتوجه الى مثل هذا الخيار والتأكيد في حواره الاخير مع قناة روسيا اليوم على "أن تكون الحكومة المقبلة حكومة أغلبية سياسية لـتنسجم مع روح الديمقراطية وتتخلص من عقلية أن الأقلية ينبغي أن تتحكم بأغلبية الشعب " وهذا تصريح مخيف يدعو البعض لمراجعة حساباتهم لافشال أي خطوة بهذا الاتجاه لانهم يرون ان خلط الاوراق مهم والبقاء في هذه الدوامة سيجعلهم اكثر قوة مقارنة بممارسة دور المعارضة البحت ولعلها فرصة ان نجرب ونكون حكومة وسطية تجمع بين حكومة الاغلبية السياسية وحكومة الشراكة لاعادة انتاج شكل جديد للحكومة تخفف عنها بعض الضغوط شريطة ان يكون لها برنامج متفق عليه تعمل الاطراف المعارضة على متابعته والنظر في مطابقته للدستور كونه المرجعية والحكم بين الفريقين . ان المجلس الاعلى الاسلامي الذي داب على طرح المبادرات وتشجيع جميع القوى للدخول في مشاريع مشتركة تعود بالنفع على الجميع وتنهي حالة الاستعداء المصطنعة يرى اليوم ان مبدا الشراكة قد اسيء التعامل معه من قبل البعض حتى باتت الشراكة معطلة للحكومة وعموم الدولة العراقية وهو حين يطرح مثل هذه الامور ويركز عليها عبر قيادته انما يشجع الجميع للحراك وانتاج واقع سياسي جديد اكثر خدمة وتحررا من ضغوطات المرحلة وصراعها الذي بات بلا اهداف عامة ومنافع للشعب العراقي وهذا ما لاينبغي الركون اليه .
https://telegram.me/buratha