بقلم: نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
امر شائع تحميل الدستور ممارسات التعطيلات والمحاصصة ومنع حكومة الاغلبية واعطاء المكونات حجماً اكبر من الوطن. فكيف يفعل الدستور ذلك، وهو معطل ولا يطبق الا انتقاءاً؟ فالنقد الاكبر الذي يوجه للسلطة التنفيذية والقوى السياسية، وبالتالي التشريعية هو تعطيلها الدستور.. وعدم العمل بمواده.. والتلكؤ في استكمال القوانين اللازمة لنقله من واقع المبادىء لواقع التطبيقات.. والانتقائية التي تأخذ ما ينفعها وترفض ما يلزمها او يحاسبها ويضع شروطاً لسلطاتها، لذلك اسماها البعض بالمشروطية، مقابل المستبدة.
لم يؤسس الدستور المكونات.. بل تعامل مع حقيقة قديمة قائمة.. والحكم الذاتي لكردستان بسلطته التشريعية وادارته المحلية سابق للدستور.. وفرضته الطبيعة التعددية للشعب. كذلك تعددية المذاهب والديانات والقوميات. لذلك لنتوقف عن المناورة، فامامنا طريقان رئيسيان.. العودة للمركزية والحكم الاستبدادي الاحادي، او اللجوء للخيار اللامركزي والاتحادي. ويجهل التاريخ من يتكلم عن النظام الاتحادي وكأنه صنيعة الاجنبي..
فنظام الولايات والامارات معروف لدينا تاريخياً، وغير بعيد عن ثقافاتنا وادبياتنا.. والعراق شاهد لذلك.. كولاية بغداد والبصرة والموصل وشهرزور حسب المراحل والدول. كذلك يظلم الحقيقة من لا يرى الواقع التاريخي القديم للنظام المركزي والاحادي، وان مؤسسه في العراق المعاصر هو الاحتلال البريطاني. فما لدينا اليوم ليس النظام الدستوري لنحاكمه، بل نظام متداخل يعطل بعضه بعضاً.. في جزء منه استمرار لتطبيقات الماضي، وفي جزء اخر مواد دستورية لا تعطي فاعليتها الا بتطبيق مواد اخرى.. وفي جزء ثالث اجتهادات انية وشخصية.
اقر الدستور الانتخابات بقاعدة مواطن/صوت بدون "كوتات" مؤثرة وحسب النسب السكانية.. فلم يطالب الدستور الشيعة او السنة او الكرد، او غيرهم ان يخوضوا الانتخابات بقوائم خاصة. فنحن من اختار تحالفاتنا ونظمنا الانتخابية، ونحن من يستطيع تغييرها، ولا علاقة لها بالدستور.
يجب عدم الخلط بين مستويين مترابطين.. المكونات التي حلولها الالتزام بالمباديء الدستورية لتضمن حقوقها ومصالحها ومستقبلها.. والثاني الاحزاب وبرامجها وسياساتها المختلفة وطنياً ومحلياً. سيفتح المستوى الاول، ان انجز، الافاق لحلول جذرية وتاريخية تسمح بقيام دولة لامركزية واتحادية توحد الجميع.. وسيسمح الثاني، من تخليص الاحزاب من تفردها بتمثيلية المكونات، حتى مع بقاء الفلسفات والخلفيات.. وتشكيل حكومات وحدة وطنية او اغلبيات سياسية حسب المصلحة والظروف.. لنضيق الخناق على الاستبداد.. ولنخرج من المحاصصة والتعطيلات المتقابلة.. ولنعزز وحدة البلاد ونضمن تطورها.
https://telegram.me/buratha