احمد عبد الرحمن
لاخلاف ولا اختلاف بين مختلف القوى والمكونات السياسية والاجتماعية العراقية على ان الفساد الاداري والمالي بشتى اشكاله ومظاهره وصوره يعد واحدا من ابرز واكبر الاخطار التي مازال يواجهها ابناء الشعب العراقي.واذا لم يكن الفساد بأطاره العام الشامل اخطر من الارهاب فأنه يمثل الوجه الاخر له، والمفتاح والمدخل الذي من خلال يتم اختراق مؤسسات ودوائر الدولة، والاسواق والمدن واماكن العبادة، لازهاق الارواح البريئة وسفك الدماء الطاهرة وتدمير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وبث الفزع والرعب واليأس والاحباط في نفوس الناس.الفساد يمثل افضل بيئة للارهاب، وهذا ما اثبتته وقائع واحداث الاعوام التسعة المنصرمة، وبغياب الفساد فأن الشرايين المغذية للارهاب تجف وتضمحل وتتلاشى.وكل من يقول ويعتقد بأن القضاء على الارهاب من دون استئئصال الفساد من جذوره وتجفيف منابعه فأنه يقع في خطأ كبير وينطلق من منطلقات غير دقيقة في قراءته للواقع واستشرافه للمستقبل.وبالفعل فأن الفساد اليوم اصبح يمثل خطرا عظيما على الدولة العراقية، ويفوق خطره خطر الارهاب، لان الارهاب يأتي من العدو وهو مكشوف لكل الناس، من حيث وسائله واساليبه واهدافه وغاياته، ولكن الفساد يأتي من داخل المنظومة السياسية والاجتماعية، وهذا ما يصعب مواجهته والتصدي اليه في كثير من الاحيان.وما يزيد الطين بله ويرفع وتيرة المخاطر والتحديات، ويزيد من صعوبة الحلول والمعالجات هو حينما يصدر الفساد من مسؤولين كبار في الدولة، او يتم التستر عليه من قبل البعض منهم، او يقوم البعض بتسييسه واستغلاله لتحقيق مكاسبة سياسية خاصة بعيدا عن المصالح الوطنية العامة.ومثلما يقول رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عمار الحكيم "ان الفساد حينما يصدر من شخصيات وضع الشعب ثقته بهم وحملهم المسؤولية المباشرة او من خلال ممثليهم في مجلس النواب، مثل هذا الفساد لايمكن تبريره او الدفاع عنه لانه من ظلم ذوي القربى، وظلم ذوي القربى اشد مضاضة".والانكى من ذلك عندما يصار الى استخدام واستغلال ملفات الفساد للتشهير والتسقيط السياسي كورقة في الصراع والتنافس، ليترك انعكاسات واثار وتبعات سلبية بدلا من تظافر الجهود والمساعي لاحتوائه والقضاء عليه.من يريد ان يصحح الاوضاع الخاطئة، ويقضي على السلوكيات والممارسات المنحرفة، ويجفف بؤر الفساد ويقطع دابره لاينتهج وسائل واساليب خاطئة وسلبية، اذ انه من غير الصحيح بالمرة تصحيح الاخطاء بأخطاء اخرى.
https://telegram.me/buratha