ماري جمال
نادت بعض المكونات السياسية بمبدأ الشراكة الوطنية منذ بداية التغيير وبات من أولويات عمل الساسة العراقيون إلا انه على ما يبدو بات حبرا على وروق أو شعارات تردد بين فينة وأخرى لإسكات الجماهير التي صارت تزداد استياء مع مرور الزمن من الأوضاع والأزمات التي تمر بها البلاد و التي صارت تتفاقم وتزداد خطورة .ومن الواضح أن مفهوم الشراكة الوطنية ليس له أي مصداقية في الواقع السياسي الذي نعيشه فما تحت قبة البرلمان لا نرى إلا عددا من الجماعات التي تتعارض باستمرار وليس بينها مشتركات أو قواسم وإذا شئنا أن نضرب مثلا بما يحصل اليوم من صراع على ربط قانون البنى التحتية بقانون العفو بصيغة معينة تكاد تكون مرفوضة من قيل معظم العراقيين لان المحذور الأساسي في هذا القانون هو أن سيعيد إلى الشارع عدد كبير من المجرمين الذين تلطخت أيدهم بدماء الأبرياء ففي مقابل هذا المحذور ألعقلائي نرى أن الكتل الأخرى تعرقل إقرار قانون البني التحتية وتصر على تمرير القانونين بسلة واحده مع أن الأول أعمار والثاني تخريب وتساهل مع المجرمين وكان من المفترض أن يتم إنشاء لجان لدراسة ملفات المعتقلين وإخراج الأبرياء ومعاقبة القتلة كل بحسب جريمته وهذا يختلف كثيرا عن قانون يبرئ المجرم ويتساهل مع القتلة وإذا كانت هناك مؤاخذات على قانون البني التحتية فإنها إما أن تؤدي إلى رفض القانون أو تعديله لا أن يتم اللعب على النصاب فهذا مخز ولعب بمصائر العراقيين0فالذي نراه اليوم هو نظام مشلول قامت الكتل بشله وكل منهم يتذرع بذرائع معينه وتتحالف الكتل كل مرة ضد الكتل الأخرى لتستمر اللعبة إلى أن يشاء الله وعلى هذا فان الوضع بات لا يطاق ونشأت قناعات لدى الإطراف السياسية بضرورة القيام بتغيير لإنهاء حالة اللعب هذه ولعل السيد رئيس الوزراء كان أول المبادرين إلى الحديث عن ضرورة إيجاد مخرج لحالة الاختناق التي يعيشها العراق بسبب هذه الحالة ولهذا نرى انه صرح في لقاء له مع قناة روسيا اليوم انه يعمل على التخلص من حكومة الشراكة الوطنية والعمل على قيام حكومة أغلبية )ولم يكن السيد نوري المالكي وحيدا في هذه القناعة إذ إننا رأينا أن السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى قد طرح نفس هذه الفكرة في الملتقى الأسبوعي الثقافي بقوله ( إن السنوات الثلاث الماضية قد عجزت فيها القوى السياسية عن الوصول إلى حكومة شراكة وطنية كاملة وان حكومة الأغلبية السياسية قد تكون المخرج للازمة السياسية لاستنادها إلى شراكة مكونات يتصدى فيها فريق منسجم من تيارات سياسية عديدة تمثل المجتمع العراقي )
وهناك كتل أخرى من خارج التحالف الوطني حصلت لديها قناعات مماثله منها العراقية البيضاء ومعها آخرين صاروا على قناعة تامة بأنه أمام هذا الشلل الدائم والمتواصل لحكومة الشراكة الوطنية نحتاج إلى حلول جذرية لان الاستمرار في هذا الواقع سيؤدي حتما إلى انهيار النظام هذا إذا لم يتطور إلى صراع مسلح كما يلوح به البعض بين الفينة والأخرىأما بالنسبة للحوار فان البعض يريده مدخل للاملاءات وفرض الرأي وفي غير هذه الحالة فانه مرفوض كما أن تجارب الحوار السابقة قلما كانت تؤدي إلى نتائج وفي الأغلب تنتهي إلى اتهام بعض المحاورين للبعض الأخر بأنه سبب الأزمة وانه لا يريد الوصول إلى حل لان الحل ليس سوى القبول بكل ما يطلب منه دون تأخيرو من خلال ذلك كله بات الواقع يفرض القيام بإنهاء مفهوم الشراكة لصالح أغلبية تقود البلاد أو إنهاء نظام المحاصصة الطائفية والقبول بمبدأ المواطنة والاحتكام إلى القانون أو العودة إلى نظام الولايات الثلاث التي تدير كل ولاية شؤونها باستقلالية عن المركز وتبقي للمركز الخارجية والجيش والاقتصاد أو ما يتم الاتفاق بشأنهلكن الحل الأقرب إلى الواقع والذي لا يحتاج إلى كثير مؤنه هو حل الأغلبية إذ تقوم مجموعة من نفس الكتل الحالية بتشكيل أغلبية برلمانية وتنفرد بإدارة الدولة ويمارس الباقون دور المعارضة التي تقوم بالنقد والتقويم وتسليط الضوء على الجوانب المهمة التي قد تكون غائبة عن أعين ا لحكومةوعليه فان العراق سوف لن يخرج من المعمعة الحالية إلا بهذا الحل البسيط فهل تستطيع الكتل من تحقيق هذا الحل أم أنها ستختلف من جديد حوله وتقضى عدد من السنين في الحديث والحوار والاختلاف حوله إلى ما لانهاية ؟
https://telegram.me/buratha