بقلم / عبد المنعم الحيدري
منذ حرب عام 1948م دأبت اسرائيل على المبادأة بشن الحرب انطلاقا من استراتيجية هجومية لم يكن بحساب العرب يوما ان يحدث اي تفييرا على تلك الاستراتيجية التي تعتمدها اسرائيل بحكم التطور التقني والتكنو لوجي المستمر للسلح التقليدي الذي تستخدمه في الحروب التقليدية.يقول جنرال سابق في الجيش الاسرائيلي " علينا ان نشن حربا هجومية يكون الهدف خلالها تنفيذ العمليات الحربية في اعماق ارض العدو" وهذا القول يدل على ان اسرائيل لم تفكر يوما ان تتراجع عن استراتيجية الضربة الاستباقية.لربما يسأل احد لماذا تعتمد اسرائيل هذه الاستراتيجية ؟ والجواب هو ان الوجود الغير شرعي لها هو الذي دفعها بهذا النسق من التفكير.هناك ثلاث متغيرات تاريخية وسياسية واقتصادية غيرت من موازين اللعبة مما دفع باسرائيل ان تقف في لحظة مصيرية وتطرح السؤال التالي على نفسها.اسرائيل الى اين؟.اما المتغبرات الثلاث فهي اولا: مرور اكثر من ستين عاما على وجود اسرائيل على ارض فلسطين المحتلة وهذا المتغير التاريخي لم يغير او يضيف شيئا لها وبقيت كما هي في عيون الشعب العربي والمسلم اضافة الى بعض الانظمة الشسياسية التي ترفض وجود اسرائيل مما اثر ذلك على الوعود التي كان قد اطلقها المؤسسون الاوائل للكيان الاسرائيلي حينما اطلقوا كذبة ارض الميعاد وهذا ما اثر على نفسية الرأي العام الاسرائيلي وبين ادعاء وزيف الاعلام الاسرائيلي لانه على الرغم من االقوة التي تمتلكها اسرائيل لم تتمكن من اقناع شعبها بتلك الشعارات التي اطلقتها ابان الدعوة الى الهجرة الى فلسطين.وهذا الامر قد اثر على صلابة الداخل الاسرائيلي والذي من اجله بنيت استراتيجية الضربة الاستباقية لغرض توفير حماية اقليم امن.اما المتغير الثاني فهو متغير استراتيجي سياسي بامتياز حيث الثورة الاسلامية في ايران على يد الامام الخميني قدس سره وتاسيس جمهورية اسلامية على انقاض نظاما كان مواليا بالمطلق لاميركا واسرائيل.وعلى الرغم من كل المحاولات التي سعى اليها الغرب بقيادة اميركا وغالبية الانظمة العربية لاسقاط الثورة الفتية الا انها باءت بالفشل لان الثورة اصلا تقف على ارضية صلبة وتقوم على فكر سياسي اسلامي يناهض وبشدة كل سياسات الاستكبار والظلم والهيمنة وقضيته الاولى والمركزية هي فلسطين وتحريرها ونصرة المستضعفين باعتباره واجبا شرعيا واخلاقيا يقع في كنف وعهدة الاسلام .وهكذا تنامت قدرة ايران العلمية والسياسية والاقتصادية وحتى الاعلامية على المستوى الخارجي والداخلي اما على المستوى الخارجي مد يد العون للمستضعفين في العالم وحركات المقاومة من اجل تحرير ارضهم من الاستكبار العالمي .بينما نجدها في الداخل بدأت ببناء قدراتها الدفاعية ( من المضحك ان الغرب عندما قام بدفع صدام بالحرب على ايران كان يقصد سقوطها. الا ان ايران خرجت اقوى مما يتصور الجميع مستفيدة من تلك الحرب) وعلى هذا الاساس بنت قدراتها الدفاعية تاركة خلفها الاعتماد على سلاح الدول المصنعة للسلاح لان تلك الدول كانت قد تخلت عنها في حرب صدام على الجمهورية الاسلامية في الثمانينات. وهذا ما دفع بها الى توظيف الكفاءات العلمية من اجل التصنيع المحلي فوصلت اليوم الى ما وصلت اليه.اما المتغير الثالث فهو متغير اقتصادي حيث نرى ونلمس كثير من المؤشرات والمعطيات التي تدل على بداية انهيار الاقتصد الراسمالي في تلك الدول التي تعتمد انظمتها على الراسمالية وخير مثال ما يحصل في منطقة اليورو وبوادر فرط عقد الاتحاد الاوروبي ، كما ان خروج الاحتجاجات الغاضبة في الولايات المتحدة ضد السياسات الاقتصادية التي تعتمد النظرية الرأسمالية . وبما ان الولايات المتحدة والدول الغربية هي تدعم وبقوة وجود اسرائيل وان انكفاء الاقتصاد في تلك الدول وعلى راسهم واشنطن لاشك انه سوف يؤثر سلبا على الاستراتيجية العسكرية الاسرائلية.هذه المتغيرات الثلاثة قد جمدت حركة اسرائيل ولو لساعات لانها جعلتها تطرح ذلك السؤال الذي سقناه في بداية الحديث وهو اسرئيل الى اين؟.وهذا السؤال يضع اسرائيل امام امرين لاثالث لهما.الامر الاول هو ان تذهب اسرائيل وفقا لاستراتيجية الهجوم الى ضربة استباقية ضد ايران كما فعلتها في السابق ضد عديد من الدول العربية في رقعة جغرافية مترامية الاطراف من مساحة ايران تساعدها على رد الضربة بضربة ثانية وهذا يعني سقوط الاف الصواريخ الايرانية على مساحة جغرافية هي الاصغر في المنطقة كما صرح العديد من قادة حرس الثورة. وبالتالي زوالها يصبح حتميا نتيجة كثافة الصواريخ التي ستسقط على ارضية داخلية غير صلبة.او تذهب الى الامر الثاني وهو الارجح اذا كان صانع القرار يتمتع بالعقلانية وهو الذهاب الى استراتيجية الدفاع وهذ ما يجعلها تتجنب ولو لحين ردة الفعل الايرانية .لكن السؤال الاهم الذي يطرح نفسه هنا هو هل ان الاستراتيجية الدفاعية سوف تنقذ اسرائيل؟
https://telegram.me/buratha