عون الربيعي
يرجع العديد من الباحثين والمهتمين بقضية التصحر واثارها الضارة على البلاد خصوصا في وسط وجنوب العراق الى اسباب اهمها انحسار غابات النخيل في وسط وجنوبي العراق من 48 مليون نخلة في سبعينات القرن المنصرم لنحو 8 ملايين نخلة في الوقت الراهن نتيجة أحتراقها في الحروب العبثية للنظام البعثي المجرم . كما ان عمليات تخريب وتجفيف الأهوار حيث بلغت مساحة المسطحات المائية المجففة نحو 9 آلاف كم2 من أصل 10 آلاف كم2 ( كان خزينها المائي نحو 12 مليار م3 )، إضافة إلى إزالة غابات القصب والبردي مما أخل بالعناصر المناخية المناطقية وأدى لخلخلة التربة وتصحرها وانحسار المياه عنها خاصة أن منطقة الأهوار تمتاز بخاصية جيولوجية فريدة عن بقية مناطق البلاد ومنها ايضا تراجع الاهتمام بمراعي البادية مقابل تزايد عمليات الرعي الجائر مما أدى لإختلال الأحزمة الخضراء في البادية وبالتالي تخلل الطبقة السطحية للرمال الصحراوية، ومع تعاقب موجات الجفاف أصبحت الطبقة السطحية أكثر عرضة للانجراف بفعل الرياح وزادت حمولاتها من الغبار والأتربة التي تؤثر سلباً على الأراضي الزراعية وتعصف بالمدن المحاذية للصحراء وتسبب تلوث الهواء والبيئة . فضلا عن انحسار مساحات الغابات أما نتيجة للحرائق بالحروب العبثية وأما نتيجة التحطيب مما أدى لتكشف مساحات واسعة من أرض الغابات وبفعل الانجراف بفعل الرياح والانجراف المائي مما يؤدي لسهولة انجرافها وتصحرها.الامر الاخر الذي يتكلم به عامة الناس وهم يتحسرون على سنوات (موحان) وهو الفيضانات نتيجة ارتفاع مناسيب مياه دجلة والفرات والتي تؤدي الى تثبيت التربة وزيادة كبيرة في معدلات المياه الجوفية فانحسار مياه نهري دجلة والفرات أدى لإختلال مناسيب المياه في المجاري والروافد، وبوجود عوامل مناخية مساعدة ( الحرارة، الرياح، الجفاف، وتكشف المساحات الخضراء على ضفاف المجاري المائية.... ) أدى لأنهيار قوام التربة لضفاف مجاري الانهار وبعدم وجود الصيانة الدورية تخلخلة التربة السطحية وبفعل العواصف والرياح القوية تتطاير حبيبات التربة مع الهواء لتنقل إلى أماكن أخرى فتسبب تلوث هوائي للمناطق القريبة منها.هذا ما يضاف اليه بطبيعة الاحوال تراجع المساحات الزراعية نتيجة العجز المائي في البلاد بفعل اجراءات الدول المتشاطئة ضد العراق، وبوجود خلل في الإدارة المائية والبيئية وهو مايقودنا الى ضعف التنسيق والتعاون على المستوى الإقليمي لمواجهة مشاكل التصحر التي تعد مشكلة عالمية وتحتاج لجهود كافة الأطراف للوصول إلى نتائج إيجابية اذاً نحن امام مشكلة كبيرة متعددة الاسباب ينبغي معالجتها بكل الطرق والوسائل المتاحة ولو نظرنا فعليا الى مقدار الاجراءات المتبعة لحلها لوجدناها ضئيلة وغير مناسبة وتنم عن لامبالاة بل وتهاون كبيرين من قبل الجهات المسؤولة في وزارات الدولة وعلى اعلى المستويات والواجب هو التخطيط وتلافي الاثار المحتملة مستقبلا اذا ما عرفنا ان بعض الدول المجاورة ومنها تركيا تزيد في تفاقم الازمة المائية في العراق بقيامها بانشاء مشاريع تهدد البلد من اقصاه الى اقصاه وتنذر بجفاف محتمل وانقطاع تام لمياه دجلة والفرات غير مكترثة لحصة العراق المائية وحياة الملايين من ابنائه وهنا نتسأل عن دور الحكومة في اعطاء هذا الملف الاولوية الكاملة والبحث عن حلول له , اننا في الوقت الذي نطالب فيه بضرورة ان يكون هناك قرار او مبادرة حكومية لمعالجة هذه الازمة لابد ان تلفت انتباه دول اخرى كالسعودية الى انها مهددة ايضا بفعل تناقص امدادات المياه الى الرافدين العظيمين فتراجع مناسيبهما سيؤدي الى تناقص كبير في المخزون الجوفي لعموم جزيرة العرب ومع التغيير الكبير في خارطة المياه وحربها التي اندلعت بالفعل نتمنى ان ينظر الجميع الى هذه الظاهرة بعين الاهمية ولعل موقف رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عمار الحكيم وتنبيهه الى مخاطر هذه الظاهرة يقودنا الى مطالبة الجهات الحكومية الى بذل جهد اكبر لانقاذ ما يمكن انقاذه وتجنيبنا المزيد من التدهور على مستوى بيئتنا التي فقدت بعض مظاهر قوتها بفعل سياسات النظام البائد وعدم اهتمام الجهات الحكومية الحالية بهذا الملف بشكل كاف .
https://telegram.me/buratha