بالرغم من حصاده لمقاعد برلمانية قليلة في البرلمان ، إلا أن المتتبع لتحركات المجلس الأعلى وقيادته يأخذ انطباعاً انه لاعب رئيسي وأساسي في اللعبة السياسية ، وبالرغم من عدم وجوده في الحكومة الحالية ، إلا إني في كثير من الأحيان أرى المواقف تتغير لموقفه ، وارى الآراء تتبدل لرأيه ، في كثير من الأحيان أجد مواقف كتل كبيرة تعتد برأي المجلس الأعلى وقيادته ، وتعتبره الممثل للوجود الشيعي في العراق .
المجلس الأعلى صاحب الرؤى والمواقف الثابتة والواضحة قبل وبعد سقوط الطاغوت وبناء الدولة العراقية الجديدة لعب دورا كبيرا في التأسيس لتوازنات في العلاقة بين الفرقاء السياسيين بما يحقق مضمون الوحدة الوطنية ولمختلف الشرائح والقوميات فنتج عن ذلك استقرار في الوضع السياسي واستطاع أن يكون محورا للتوافق السياسي عموماً، والوجود الشيعي خصوصاً بين الكيانات السياسية الشيعية المشاركة في العملية السياسية ولم يكن موقع رئاسة الوزراء عقبة في طريق علاقات المجلس الأعلى مع منافسيه وبقيت هذه العلاقة ايجابية مع كل ما حصل من التفاف من حزب الدعوة وعدم التزامه بضرورة الحفاظ على العلاقة مع المجلس الأعلى والحفاظ على المكتسبات التي حصل عليها التحالف الشيعي من جراء عقد الائتلافات التي أوجدت وحدة في صفوفه وجمعت أصوات ناخبيه في سلة واحدة .
أصبحت اليوم المواقف والثوابت الوطنية هي المعيار الحقيقي لكافة الكتل التيارات والشخصيات السياسية العراقية وبات من السهل على كل إنسان بمختلف المستويات الثقافية والسياسية تمييز ، وتحديد درجات الروح الوطنية والوعي السياسي وقوة الشخصية وتأثيرها في المحافل المحلية والإقليمية والدولية وكذلك سهولة تمييز الرؤى والأسس التي تتعامل بها الأحزاب والحركات السياسية ومدى مصداقية المبادئ والأهداف والبرامج التي تسعى لتحقيقها من اجل بناء دولة العراق الجديد الديمقراطي الاتحادي على إطلال دولة الديكتاتورية الصارمة التي حكم فيها العراق سابقا ولتحليل هذه الأمور علينا الوقوف على متغيرات المشهد السياسي العراقي.
أن سياسات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وعلى مدى فترة ما بعد التغيير كشفت للجميع صحة المدعى بأنه يحمل مبادئ ومعايير ثابتة غير خاضعة للتغيير ألا بما يتناسب والمصالح العليا للبلاد فقد طالب المجلس الأعلى بنظام سياسي اتحادي وهذا ما اقر دستوريا ،كما أن المجلس الأعلى عمل حفظ كيان وقدسية المرجعية الدينية من خلال الدستور لما لها من دور كبير في رسم وحفظ مسار بناء النظام السياسي وتدخلها الموفق في الأمور التي تتعلق بحفظ دماء وأموال المسلمين ألا أن التيارات الأخرى حاولت إبعادها عن صياغة مفاتيح المشهد السياسي ،وأرادت إبعاد المرجعية عن ممارسة أي دور لها في التوجيه والتعديل أن لزم الأمر .
كما سعى المجلس الأعلى ومن خلال سياسة الانفتاح على جميع بناء علاقات طيبة ومد جسور الثقة مع الأطياف العراقية وفقا لمعايير المواطنة والانتماء وبنائه علاقات الإقليمية والدولية بالاعتماد على مبادئ حسن الجوار بحيث أصبح مكتب رئاسة المجلس الأعلى مزارا لكافة الأطياف العراقية بمختلف توجهاتها العقائدية والسياسية والعرقية.
كما استمرت قيادة المجلس الأعلى على نهجها الواضح في التعامل مع المستجدات من خلال طرح المبادرات للخروج بالحلول التي ترضي جميع الإطراف السياسية لاسيما في حل الخلافات القائمة بين الكتل السياسية، فلم يتبنى مشروعا ذو مصالح ضيقة أنما تعامل وفق رؤيا سياسية هدفها تقديم مصلحة المواطن العراقي على كل المصالح ولم يسعى في برامجه لكسب منافع حزبية وكثيرا ما أعلن انه ليس من طلاب السلطة والكراسي والمناصب أنما يهدف لبناء حكومة شراكة وطنية يشارك في الجميع .
اليوم ورغم عدم التأثير برلمانياً ، وخلو مقاعد مجلس الوزراء من رجاله ، إلا أن المجلس الأعلى بقراءة منصفة يعد رابحاً رئيسياً في هذه المعادلة الخاسرة ، واعتقد جازماً انه كان صائباً جداً في عدم المشاركة في حكومة ضعيفة لاتغني ولا تسمن من جوع ، اليوم اعتقد أن المجلس الأعلى والسيد الحكيم خرج منتصراً بجدارة ، ليبدأ مشواره نحو تحقيق أهدافه في بناء الدولة العصرية الحديثة ، وفق مبدأ الوطن للموطن .
22/5/1021
https://telegram.me/buratha