حافظ آل بشارة
العيد يوم الجمعة المقبل ، وسائل الاعلام احصت مظاهر الاستعداد لاستقبال العيد ، الكليجة وشراء الملابس وغير ذلك ، ثم تباكت على الفقراء الذين لن يشتروا ملابس العيد ، ثم شتمت كبار الموظفين الذين لا يعرفون كيف ينفقون اموالهم لكثرتها ، أخذ الاغنياء حصتهم من شتائم العيد ، كل هذه المواضيع عادية ومكررة ، لكن الموضوع الخطير الذي اثارته بعض وسائل الاعلام وعدته من استعدادات العيد هو موضوع (جمع النفايات من الشوارع) وكررت الادعاءات الفارغة بأنه مظهر غير حضاري على حد تعبيرها ، وهنا يجب التوقف ، هناك خطوط حمراء ، وهذه مؤامرة مكشوفة ، يجب الاجابة على سؤال هل ان أكوام النفايات عندنا مضرة فعلا ، انتشار النفايات له سلبيات واضحة لاتحتاج الى تعليق أما الايجابيات فلا تعد ولا تحصى في دولة كهذه لها وضعها الخاص ، ولها اهراماتها الخاصة المبنية من النفايات ، ومأساتها الخاصة ، وثقافتها الخاصة ، وحلولها الخاصة ، من اهم فوائد وجود النفايات واكوام القمامة في الشوارع : 1- يأكل منها عدد كبير من الفقراء ، فلا تمر بكوم نفايات الا وتجد ثلة من (الناخبين) المواطنين والمواطنات والاطفال ينبشون فيها بحثا عن مواد غذائية وعادة يجدون ضالتهم فيفرحون بها ، يجدون الخضر والفواكه ، وربما عثروا على سمك مشوي ولحوم مطبوخة ورز عطري من صنف الحبة الطويلة . اصحاب المليارات ينتجون نفايات هائلة فيها ما لذ وطاب ، أما المشردون فيعيشون على تلك الاكوام الشهية من القمامة ، انها معادلة رزق فاذا جمعوا النفايات فمن اين يأكل هؤلاء ؟ ربما هناك موقف واحد محرج ونادر حين تعثر عجوز من نباشات القمامة على زجاجة فيها بقايا سائل غريب فتشربها وفورا تشعر بسعادة وتحس ان لا حاجة للطواف حول كوم القمامة فالكوم في هذه اللحظة اصبح هو الذي يدور حولها ، طريقة لاثبات كروية الأرض . 2- تستخدم لرعي الاغنام والماعز! وفي الاحياء الشعبية من بغداد اصبح طبيعيا ان ترى كوم نفايات وسط حي سكني يطوقه قطيع من الاغنام والماعز وترى النعاج تأكل بشراهة من تلك الاكوام ، علف مركز جاهز فيه البقايا النباتية والعضوية ، ثم تعثر على شيخ كبير يجلس جانبا وهو يراقب اغنامه وعلى وجهه المتعب علامات الارتياح ، فاذا تم جمع هذه النفايات فمن اين تعتلف قطعان الأحياء ؟ 3- هي مرتع جيد للكلاب السائبة والقطط ، فشوارعنا حافلة بافواج منها وهي مشردة تعيش في العراء وتتكاثر عشوائيا في اوساط المدن ، وليس من تقاليد هذا البلد تربية الكلاب او القطط في المنازل ، فتبقى في الشوارع تتجول واذا لم تجد غذاءها في اكوام القمامة فأين تذهب ، ربما يجبرها الجوع على مهاجمة الاحياء السكنية . 4- اكوام النفايات ذريعة مناسبة لتشغيل عدد كبير من الكناسين ، توزعهم سيارات النظافة على المناطق وهم يلبسون بدلات برتقالية و يحملون مكانس عملاقة ، يتحركون افواجا بطريقة غامضة وعندما ينسحبون من المكان لا تجد اثرا لمرورهم ، كأنهم جاءوا لمباركة اهرام القمامة ثم الانسحاب ، لولا هذه الاكوام لم تستطع هذه الحشود من اصحاب البدلات البرتقالية الحصول على راتب متواضع هو جزء بسيط من استحقاقهم في بلد النفط والموازنات الهائلة . هذه ملاحظات سريعة عن فائدة وجود أهرام القمامة في شوارعنا ، واذا حسبت الاضرار الناتجة عنها فلن تصمد امام هذه الفوائد الكبيرة ، بمناسبة العيد ستظهر اكوام جديدة فيها ما لذ وطاب من بقايا الولائم ، فهنيئا للفقراء ، من لديه رأي مخالف فالنقاش مفتوح والخير كله في النقاش ، وكل ما اصابنا من خير هو من النقاش ، يا سلام على النقاش .
https://telegram.me/buratha