محمد رشيد القره غولي
يعتقد المؤرخون ان عقيدة التناسخ وليدة الحضارات القديمة التي نشأت في الهند و الصين, و منها سرت الى باقي الشعوب الأخرى،فقد كانوا يعتقدون ان روح الإنسان بعد موته تنتقل الى جسد حيوان او نبات، أي ان الروح تعود للحياة مجددا في ابدأن أخرى في هذا العالم، وهذا ما نسميه عندنا بالتناسخ فقد قال العلامة الحلي تعليقا على الخواجة نصير الدين الطوسي في كتاب تجريد الاعتقاد حو التناسخ: ( التناسخ يعني ان الارواح التي هي مبدا الشخصية و وجود الانسان اذا ما انتقلت الى بدن اخر فانها تكون اساس وجوده)، وهذا المعنى يظهر في كلام الشيخ الرئيس ابن سينا في كتابه الإشارات و صدر المتلاهين في كتاب الاسفار. ان هذا المعتقد رفضه كافة المسلمين ما خلا فرقة صغيرة تدعى (التناسخية) كان لها وجود في الماضي و انتهت و لا وجود لها الا في كتب الملل و النحل. ان هذا الموضوع بدا بالظهور أكثر أواسط القرن التاسع عشر في أمريكا الشمالية و وصلت أمواجه الى انكلترا و منها الى باقي اوربا. فقد كتب عالم النفس المعروف بلانوف في كتابه علم النفس عام 1848 قصص عن إحضار الأرواح، فقد ادعى عدد ليس بالقليل في تلك الاونة اتصالهم بالأرواح وراج أيضا في تلك الفترة الدجالين الذين استقطبوا الكثير من الجهلة ممن اعتقد برجوع الارواح و الاستفادة منهم ماديا،كما ان الاهتمام بالموضوع بهذا الشكل الواسع في تلك الاونة سببا لاحياء اسطورة التناسخ و عودة الارواح، ومن الجدير بالذكر ان الهنود ايضا و على وجه الخصوص الهندوس يؤمنون بهذا و لعل عدم قتلهم للابقار الا ايمانا منهم بان الارواح تتجسد فيها بعد الموت. لكن لا بد لنا ان نعرف الأهداف من وراء احياء هذه الأسطورة في الأوساط الأوربية ـ على وجه الخصوص ـ هو إنكارهم للمعاد و العقاب الإلهي لمفسدي الأرض، لذا حاولوا جهد إمكانهم إقناع أنفسهم بسبب هزائمهم النفسية ان الانسان يتنقل من حياة الى اخرى و هلم جرة فان كان في إحداها قاتلا مثلا فهو سيرجع في جسم طفل معوق ليرى شر اعماله و عقاب له، و الحقيقة ان هذا الامر مثير للسخرية فان اصحاب هذا المعتقد لم يعلموا كم من حضارات قد انتهت و كم من امم قد اكل الدهر عليها و شرب، فلو سلمنا الى هذا المعتقد لوجدنا البشر اليوم جميعهم في وضع الوقوف لعدم وجود أرضا كافية لهم، وهم قد حاولوا ايضا تفسير لماذا يولد الطفل معوقا و تناسو ان هناك الكثير من الأمور التي تسبب في عوق الطفل و منها والداه و سلوكهم الخاطئ بسبب ما يحتسوه من الكحول و غيرها من المواد التي تجعل انعقاد النطفة في ظروف غير مناسبة فقد اثبتت الدراسات في هذه البلدان ان اغلب الأطفال المولودون و لديهم عوق قد انعقدت نطفتهم في بداية العام الميلادي من كل سنة و نحن نعرف كيف تتحول هذه البلدان في رأس كل سنة ميلادية الى ذروتها في الفساد الأخلاقي.كما ان رجوع الأرواح قد شاب بعض المسلمين منها و يحاولون تفسيرها بأنهم الجن لعدم اعتقادهم بالتناسخ و لم يدركوا حقيقة ان الجن لهم عالمهم الخاص و لنا عالمنا و لا يمكن اختراق هذه العوالم لان طبيعة كل منهما يختلف عن الأخر الا من شاء له الرحمن. و اليوم يستمر اصحاب النفوس المريضة و أصحاب المنافع المادية جعل هذه القضية كموضوع مسلم له من خلال تصوير الارواح عبر الكاميرات و نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة منهم للتأكيد على هذه الأسطورة السخيفة و بها يتهربون من أمراضهم النفسية، كما و لا ريب ان من ورائها مجاميع لها اجنداتها في افساد عقول السذج و السيطرة عليهم عن طريق هذه الخرافات و غيرها من الاساليب التي تجعل البشر قطيعا يوَّجه حيثما شاء أصحاب الشياطين.
https://telegram.me/buratha