عون الربيعي
ليس يسيرا على مجتمع كالمجتمع العراقي الذي عاش حالة من اللا استقرار المتواصل ان يتجاوز كل تراكمات تلك الحقب المظلمة وما جرته من ويلات وسببته من انتكاسات على كل المستويات. وليس يسيرا على هذا الشعب ان يأمن شر الاعداء وحتى الاصدقاء ويبني مشروعه بسهولة ويشرع بتنظيم حياته ومؤسساته على هواه, حاله حال البلدان الاخرى التي تنعم بالحرية والامن والاستقرار والرفاه الاقتصادي والتطور التقني ,بفعل تداخل المصالح وضعف البنية التحتية ومزاج بعض حكام دول جوار العراق العربية منها على الاخص, التي ترى في نظام ديمقراطي حر يحكم راي الشعب ويسير وفق مصالحه كون يهدد مصالحها وبقائها وديمومتها .ومن ضمن التهديدات الجدية التي تراها هذه الانظمة هو وسطية الخطاب الذي تبناه رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم والذي يؤكد فيه على السعي لتخليص البلاد من اثار الظلم والعدوان ,عبر سيل من المبادرات واشاعة روح التسامح والاخوة وربط كل المكونات بالوطن ومصلحته والحث على ترسيخ فكرة ان مصلحة الجميع مع الوطن وبه .وقد يكون هذا سببا كافيا لان تشعر قوى اقليمية بخطر هذه الدعوات فضلا عن سلوك عملي قوي وموفق انتهجه السيد الحكيم رأى فيه الجميع ضالتهم. من هنا كانت عكاظ و روايتها المثيرة الكاذبة في كل فصولها وتفاصيلها, وبالرغم من نفي وزير الداخلية السعودية للمعلومات التي نقلتها الصحيفة والتي عدها اخبارا (اعلامية) غير صحيحة .وهذا عذر اقبح من ذنب كون هذه الصحيفة وغيرها من وسائل الاعلام السمعية والمرئية كلها تخضع لرقابة صارمة اشد من التي كان يتبعها نظام صدام.فالاعلام هناك يخضع لجملة من الضوابط والتشديدات والعيون التي تراقبه وهي لا تسمح بان تخرج كلمة من هنا او هناك الا بموافقة ورضا اجهزة الرقابة ومن يقومون عليها. لكن ربما كانت للسعودية نظرة اخرى للامر وهدف اخر غير معلن والسعودية عبر تأريخها حريصة على ارسال الرسائل للجميع وليس اخرهم السيد الحكيم فتنامي دورالاخير وقوته كانا سببين اساسيين دفعا من يقف وراء عكاظ لنشر هذه الاكاذيب وتسويقها ,خصوصا بعد اطلاقه خيار حكومة الاغلبية السياسية ذات الصبغة المكوناتية, وكأن السعودية تريد ان تقول انها ليست مع هذا الطرح وان بقاء الامور في العراق ضمن اطار الازمة يريحها ويبقيها لاعبا اساسيا في مجرى الحدث العراقي, وان أي ترتيب اخر يمكن ان تكون له عواقب او نتائج اخرى وكلنا يعلم ان في البلد اكثر من معسكر و اكثر من دولة وكلهم يريد السيطرة عبر من يمثله في العراق وبيان قوته وتاثيره وهو يعقد الصفقات على حساب الدولة العراقية والشعب العراقي .وبمنتهى الصراحة فأن طرح حكومة الاغلبية كان بمثابة اطلاق شرارة اخراج القوى السياسية من مازقها والخروج بالوضع الى الحل رغم صعوبة المهمة وامتناع اطراف كثيرة من تاييدها كفكرة وعدوها حلا لكنه يحتاج الى تغيير التحالفات وبناء ثقة بين جميع الاطراف ليتمكنوا من امضائها لتحقق مثل هذه الحكومة اهدافها في خدمة الجميع وعدم تهميش اطياف وشرائح مهمة في البلد . وهذا يقودنا الى النظر باستغراب للبعض فمع اعتراف من يعارضون هذا الطرح الى انهم يعترفون بانه ضرورة تسهم في الخروج السريع من الازمة السياسية الخانقة التي يمر بها العراق.ومع هذا وذاك ومحاولات البعض للتملص تبقى القضية برمتها كما اوضحها السيد الحكيم قضية صعبة وحلا مؤلما وقاسياعلى الجميع لكنه افضل بكثير من التوقف وسط الظلام والموت البطيء ".ومع التدقيق في طبيعة حكومة الاغلبية التي يؤكد الجميع انها "ليست طائفية (بحسب طرح الحكيم) بل هي أغلبية سياسية مكونة للشعب العراقي ويجب ان تكون منسجمة ومتفقة على نهج معين لادارة شؤون البلاد وتكون مسؤولة عن قراراتها و خططها وادارتها"فيا ساستنا الكرام ويا جوارنا العربي وغير العربي يجب ان تفهموا بوضوح وبلا مجاملة ان هذا الخيار هو تقويم وبناء للدولة لا انقلابا عليها فبعد استغلال الشراكة وعدم العمل بمقتضاها لا مفر من وجود حكومة بهذه المواصفات لئلا ينتكس ويذهب مشروعنا وتضحياتنا ودماء عشرات الالاف من الشهداء وهذا ما لانقبل ولن نقبل به ابدا, لانه سيكون بمثابة تضييع حقوق جميع العراقيين كما اننا لن نقبل بان نسعى لشراء خاطر فلان او الحزب الفلاني من اجل ان يشارك على حساب الوطن والمواطن فخياراتنا اليوم اما ان نكون او لانكون ونحن قررنا ان نكون بالعراق ومنه معه ليس اليوم فقط بل اليوم وغدا .
https://telegram.me/buratha