حافظ آل بشارة
هناك تفاؤل بأن الدورة الانتخابية المقبلة سنة 2014 ستنتشل العراق من المستنقع ، وان التحالفات المقبلة ستنتج اكثرية ساحقة بامكانها تشكيل الحكومة بسهولة وتمشية اصعب التشريعات ، وتدارك الفشل في الأمن والاقتصاد والكهرباء ، قبل التفاؤل لا بد من الانتباه الى حقائق التحالف الانتخابي ، فالمعروف ان الحركات السياسية التي تتحالف قد تتشابه في تركيبها البشري او رؤيتها السياسية او واقعها الاخلاقي والتنظيمي ، حتى المتدين مع المتدين يتشابهان في الصلاة والدعاء والقرآن والاخلاق والحلال والحرام بينما يتصاعد الخلاف بينهما الى حد التقاطع والتعادي ، خاصة اذا دخلت حسابات الدنيا قبل حسابات الدين ، التحالف بين حزبين معناه ان الخطأ يأكل الصحيح ، كتصحيح اوراق امتحانية تعتمد الاسئلة الشبحية ، فكل صحيح في هذا الحزب يأكله ويبطله النموذج الخطأ لدى الآخر ، فالتحالف الانتخابي ليس هو حاصل جمع بين ايجابيات هؤلاء وايجابيات هؤلاء بل هو حسم الناقص من الزائد للحصول على محصلة وليس كمية ، حزب تسود في اوساطه رذائل مثل السرقة والاستحواذ والتكبر والطبقية والنفعية والتملق للكبار واحتقار الصغار والمغالطة والتصنع والنفاق والجبن عندما يتحالف مع نموذج معاكس اخلاقيا وسياسيا فالنتيجة ان الخطأ ياكل الصح فهناك محصلة وليس مجموعا ، أما اذا كان التحالف يؤدي الى افساد الصالحين وليس اصلاح الفاسدين فهي محصلة تحت الصفر ، حاليا اولويات المسؤول العراقي الكبير في بداية تعيينه هي : 1- فريق الحماية والسيارات المصفحة والاسلحة . 2- غرف المكتب والاثاث والستائر. 3- فريق من السكرتيرات الجميلات عملهن اليومي الطواف حول المكتب . 4- شبكة علاقات مع اصحاب الاستثمارات ودوائر العقود لضمان العمولات المليونية . 5- شبكة الوكلاء السريين لايداع الاموال في المصارف ومتابعتها . 6- جدول الايفادات والسفرات الباذخة مع افراد الاسرة . هذه هي الاولويات على المشهور وكما هو شائع بينهم ، وليس فيها بند يخص الوطن او المواطن ، التحالف بين القوى يجب ان ينتج القدوة القيادية المسؤولة ، نحن مسلمون لكن نحتاج الى قادة شجعان فقراء زاهدين مثل رئيس الأوروجواي (خوسيه موخيكا) (76 عاما) مسيحي علماني ، يتبرع بتسعين بالمئة من راتبه البالغ 12 الف دولار ، فيأخذ منه 1250 $ فقط ويسلم الباقي الى الجمعيات الخيرية ، ليحصل بذلك على اعتراف دولي وعلى لقب الرئيس الافقر والاكثر سخاء في العالم . يعيش في بيت ريفي مع زوجته ، أكد الرئيس أن أغلى شيء يملكه سيارته الفولكسفاغن (ضفدعة) وسعرها 1945 $ ، واضاف ان المبلغ الذي يتركه لنفسه يكفيه ليعيش حياة كريمة ، بل ويجب أن يكفيه خاصة وأن العديد من أفراد شعبه يعيشون بأقل من ذلك بكثير ، وتقول منظمة الشفافية العالمية أن معدل الفساد في الأوروجواي انخفض بشكل كبير خلال ولاية موخيكا، إذ يحتل هذا البلد المرتبة الثانية في قائمة الدول الأقل فسادا في أميركا اللاتينية. هذا الرئيس مسيحي علماني صالح وزاهد بالفطرة ومحب للفقراء ويطبق خطاباته على نفسه ، واخيرا يقال بأن القائد ليس بكثرة الاتباع بل بعدد القادة الذين سيصنعهم ويؤهلهم ثقافيا واخلاقيا ثم استقامة السلوك وصدق الاقوال والافعال ، والكلام في هذا كثير ولكن من الذي يسمع ؟ مشكلة السمع مشكلة اخرى ، نسميها (الصمم السياسي) مشكلة ليس لها حل ... يعيش موخيكا .
https://telegram.me/buratha