* بقلم - جميل ظاهري
واقعة الغدير وخطبة الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع خطبةٌ تاريخية أجمع عليها كل فقهاء المسلمين والمؤرخين من العامة والخاصة ، وقد ذكرها رواة الحديث على اختلاف بالاجماع(كتاب الغدير للسيد محسن الأمين) .وقد أختلف البعض في تفسير الخطبة ولكنهم اتفقوا على ما جاء بها من إن الامام علي (عليه السلام) هو المقصود بتلك الخطبة دون غيره.. وإنهم اتفقوا عليها ولم يذكر أي واحد من المسلمين أن الخطبة جاءت في غير علي (عليه السلام)؟وبغية وضع النقاط على الحروف لابد من تحليل نص خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله) التي ألقاها على المسلمين في (غدير خم) وهي قوله (ص): "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار"( أخرجه الامام احمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 119):-1- لقد جعل الرسول (ص) للامام علي (ع) المقام الذي جعله الله سبحانه وتعالى له.2- إن النبي (ص) أراد بالمولى الامام.فلا أحدٍ من الصحابة ورواة الحديث قد شذ عن الاتفاق عليها فقد أجمعوا كلهم بأنها وقعت بغدير خم في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة للعام العاشر من الهجرة النبوية (632) ميلادية... كما ذكر نصها في (الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني ص 25).وذكر ان الطبراني أخرج في (المعجم الكبير) بسندٍ صحيح عن زيد بن أرقم... وعن حذيفة بن أسيد الغفاري.. قال:خطب رسول الله (ص) بغدير خم، تحت شجرات.. فقال (ص) (أيها الناس، يوشك أن أدعى فأجيب.. وإني مسؤول، وإنكم مسؤولون.. فماذا أنتم قائلون؟)قالوا: نشهد أنك قد بلغّت.. وجاهدت.. ونصحت.. فجزاك الله خيراً.. فقال (صلى الله عليه وآله):(أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وإن محمداً عبده ورسوله.. وان جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حقٌ بعد الموت، وإن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها.. وإن الله يبعث من في القبور؟).قالوا: بلى نشهد بذلكفقال (ص): (اللّهم أشهد) ثم قال (ص):(يا أيها الناس إن الله مولاي.. وأنا مولى المؤمنين.. وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه، فهذا عليٌ مولاه... اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه..).وهناك نص قصيدة حسان بن ثابت (شاعر الرسول - ص) يؤكد ما ذهبنا إليه من إن (من كنت مولاه) تعني: الولاية، أي وليه (كفاية الطالب للكنجي الشافعي)... حيث أنشد يقول :يناديهم يوم الغدير نبيهــم بخمٍ وأسمع بالرسول مناديـــــافقال: فمن مولاكم ونبيـكم فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميــاإلهك مولانا وأنت نبينـــــا ولم تلق منا في الولاية عاصيـافقال لك: قم يا علي فأنني رضيتك من بعدي إماماً وهاديـافمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أتباع صدقٍ مواليــــافلما فرغ من هذا القول قال له النبي (ص):(لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك) فلولا أن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد بالمولى الإمامة، لما أثنى على حسان بأخباره بذلك ولا أنكره عليه وهذا صريح الإقرار بإمامة الإمام علي وولايته بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جهة القول لرسول الله في يوم الغدير والذي لا يمكن تأويله، ولا يحتمل التأويل، ولا يسوغ صرفه إلى غير حقيقته.وفي رواية ابن عباس: إن الله أمر النبي (ص) أن يخبر الناس بولاية علي فتخوف أن يقولوا: حابى ابن عمه، وان يطعنوا في ذلك عليه. فنزلت الآية في غدير خم (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فأخذ بيد علي وقال (من كنت مولاه فعلي مولاه...) جاء في (مناقب الخوارزمي ص 94.. ورواه النسائي في الخصائص وابن الجوزي في المناقب).ويؤكد رواة الحديث والتاريخ بان الرسول (ص) لما فرغ من خطبته بايع من حضر خطبة الغدير علياً بالخلافة بعد الرسول وبإمرة المؤمنين(الامام علي جدل الحقيقة لمحمود محمد العلي).. وجاء الشيخان: أبو بكر وعمر إلى رسول الله (ص) وقالا: هذا أمرٌ منك أم من الله؟ فقال النبي وهل يكون هذا عن غير أمر الله نعم أمرٌ من الله ورسوله فقاما وبايعا، فقال عمر: لعلي السلام عليك يا أمير المؤمنين بخٍ بخٍ لك لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة(ابن كثير في النهاية : 7/386 وكذلك أكثر من 68 من كبار رواة وعلماء العامة في مختلف كتبهم).وقبل أن ينفض الناس عن غدير خم هبط (جبرائيل) على النبي بقوله تعالى:(اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، حيث أتفق على هذا ثقات رواة الحديث(علي إمام المتقين لعبد الرحمن الشرقاوي) في نزولها بحق يوم الغدير.لقد أعطى النبي (ص) لعلي (ع) ما أعطاه الله عزوجل له وبأمر من الباري سبحانه وتعالى... فأمر بقيادته للمسلمين من بعده وولايته عليهم.. وأمر المسلمين جميعاً أن يعقدوا له الولاية والطاعة، كما كانوا يوالونه ويطيعونه (ص).ودعا ربه أن ينصر من يواليه، ويطيعه ويعادي من يحاربه ويعاديه ويخذله.وقد قال (ص) عن الامام علي (ع) في مواضع أخرى ، منها:* (... إنه ليس أحد أحق منك بمقامي لقدمك في الاسلام، وقربك مني)( رواه أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره).*(لكل نبيٍّ وصي، وأنا وصيي علي بن أبي طالب..)( رواه ابن عساكر في تأريخه والخوارزمي).* (أنا خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء)( المصدر السابق،وذخائر العقبى).وعن أم سلمة قالت قال رسول الله(ص): (إن الله اختار لكل نبي وصياً، وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي) (مسند احمد الثعلبي في الكشف والبيان، فرائد السمطين للحمويني).ولعل سائل يسأل إن كان حديث الغدير صحيحاً لم يحتج به الامام علي (عليه السلام) يوم السقيفة؟.الجواب هو:- لم يحتج الامام بحديث الغدير يوم السقيفة، لسبب جلي وبسيط.. وهو انه لم يحضر السقيفة أصلاً ولم يشارك فيها.. بل عزّ على القوم أن يكون بينهم لعلمهم بأن مقاييس أمورهم ستنقلب بوجوده،.. فلقد كان شغله الشاغل آنذاك وهمه الكبير تحضير جنازة أعظم مخلوق، وأجل إنسان، وسيد كل مرسل.. ألا وهو الرسول القائد العظيم وحزنه بفقدانه لا تسعه الأحزان ورزيته بموته الذي هز كيان الأمة الإسلامية جعلته بمنأى عن مآرب الآخرين..لكن أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) ذكر واقعة الغدير بعد حين في خطبته (الشقشقية) التي قصد فيها تثبيت حقه للمسلمين، وللتأريخ.. فكان له ذلك دون شك أو ريب، بعد أن رأى فرصة إظهار الحق قد تحققت وآن أوانها..( ماذا تعني كلمة (مولاه) في حديث الغدير؟! لعبد الحسين الدعيمي).
https://telegram.me/buratha