المقالات

عمار الحكيم بين واقعية ماهو كائن ومثالية ماينبغي أن يكون .. حكومة الأغلبية السياسية أنموذجا ...

638 17:01:00 2012-11-03

بقلم ... محمد ابو النواعير

لا يخفى على العاقل المتتبع لمجريات الأحداث والظواهر السياسية في العراق , وجود الكثير من حالات الإخفاق وعدم الإتزان في التعاطي مع الأزمات والمشاكل السياسية التي تعصف بالبلد , إضافة الى عدم إدراك الكثير للأسس التي تقوم عليها هذه الإخفاقات , والجذور الفكرية والآديولوجية والأخلاقية التي تكون كمؤثر إستجابة في العملية السياسية العراقية .ومع تنوع الأسباب المؤدية الى قيام الأزمات السياسية , إلا أننا يجب علينا ان نعرف ما هي الأزمة السياسية الجارية الآن في العراق . ولابد من التمييز بين الأزمة الجزئية ( أو فترة عدم إستقرار محدود ) من ناحية . وأزمة من شأنها ان تفضي الى تغيير مجتمع معين , من ناحية أخرى , فالأولى تشير الى ظواهر مثل الدورة السياسة - الأعمال المنطوية على حركات مد وجزر في النشاط الإقتصادي , شكلت سمة مزمنة للإقتصادات الحديثة . أما الثانية فتشير الى تقويض جوهر المبدأ التنظيمي للمجتمع , أي الى إهتراء أو خراب تلك العلاقات المجتمعية التي تحدد أفق النشاط السياسي والإقتصادي وهذا النوع من الأزمات والتي يطلق عليه إسم ( أزمة ذات طاقة تحويلية ) تنطوي على سلسلة تحديات بالنسبة الى جوهر النظام السياسي بالذات , هي في الحقيقة ما يتخوف منه أن تحدث في الحالة العراقية .ومع أن العراق ( كدولة ) يصنف بانه من المجتمعات التعددية , والتي غالبا ما تواجه مشاكل سياسية ناجمة عن الإنقسامات العميقة بين قطاعات من سكانها , مع غياب الإجماع الموحد لها , إلا أننا نجد أن الإنقسامات في هذا البلد لم تطل القطاعات السكانية فيه بقدر ما طالت رجال الحكم فيه . هذا إذا أخذنا بنظر الإعتبار بان المجال السياسي ليس منفصلا عن المجال الإجتماعي والعلاقات الشخصية , وخاصة فيما يتعلق بحالات التنوع والتلون الديني والطائفي والقومي , وأحيانا اللغوي . إضافة الى أن هذه المجتمعات التعددية تتميز بكون منظومة العمل السياسي فيها غير قادرة على الحفاظ على الحكم الديمقراطي بشكل عملي , مما يضطر حكامها أحيانا الى إستعمال الطرق الغير ديمقراطية من أجل الحفاظ على السمة الديمقراطية لأدوات العمل السياسي فيها . إضافة الى أن المجتمع التعددي , يصعب إدارة ملف التنمية السياسية فيه وتطويره بوتيرة تصاعدية , فعملية التنمية السياسية لا يمكن أن تتقدم كثيرا على وجه الإجمال من دون إحساس بالتماهي مع النظام الكلي , مما يؤدي الى الوصول الى حالة التكامل في مفهوم بناء الدولة القائم على أبجدية بناء الوطن .. إذا فمفهوم بناء الوطن كمفهوم لحالة تكاملية يؤدي بالنتيجة الى بناء الدولة , والذي يفترض أن يستتبع في سيرورته إستأصالا للولاءات الجانبية للأحزاب الحاكمة , هذه الولاءات التي تكون عادة أدنى من مفهوم الولاء للوطن .هذه العملية هي التي يعول عليها علماء السياسة كثيرا من أجل حصول حالة الإندماج الوطني , بين المكونات السياسية المختلفة , تقود الى عملية الإندماج يكون نتاجها خلق إجماع ثقافي - آيديولوجي على درجة عالية من الشمولية التوافقية في المجتمع المتعدد .كل التوصيفات السابقة كانت المقدمة والنتيجة لمشروع بناء الدولة , وإذا تأملنا في ثنايا الكلام , سنجد أن العامل الحقيقي الغير ظاهر للتوصيف في الظروف السياسية والإجتماعية للمجتمعات التعددية هو وجود صراع إرادات , صراع الإدارات هذا لا يمكن الإعتماد عليه من اجل إقامة تلك الحالة التي تم توصيفها في السابق , حالة التكامل والتماهي مع النظام الكلي , والوصول الى حالة الشراكة الوطنية الحقيقية . فالشراكة الوطنية تتطلب , بحسب ما ذكر اعلاه , منهجية تنشئة إجتماعية وسياسية , التي يمكن أن نصل بها الى الشراكة الحقيقية كما وصفها السيد الحكيم حين قال : " الشراكة الحقيقية تحتاج الى تنازلات متبادلة وتفاهم وتعاون وليس الى عناد وتقاطع " .إذا , فالوصول الى مفهوم الشراكة الوطنية يتطلب وصول الى حالة من التكامل والإجماع الثقافي والسياسي بين مكوناته وبين أفكاره السياسية المسيرة له , وهذا الإتجاه كان من متبنيات الفكر والممارسة السياسية للسيد الحكيم , حيث يقول : ان تيار شهيد المحراب من اكثر التيارات المنادية بالشراكة الوطنية ايمانا منه بتنوع الوطن . "إن التأخر الآن عن مفهوم الشراكة الوطنية والإتجاه الى حكومة الأغلبية السياسية , أو أغلبية المكونات , ليس القصد منه تبني منهجية محل أخرى , وإنما يعني إتباع منهجية يراعى فيها الظرف الزماني والمكاني والعمري للحالة السياسية في ذلك البلد . فما ينبغي أن يكون عليه العمل السياسي في العراق , هو قيامه على مفهوم الشراكة الوطنية الصحيحة التي تذوب معها كل الولاءات الثانوية وتنصهر الإرادات وتقاد الخلافات داخل منظومة عمل سياسية موحدة عمليا ( ممارساتيا ) , وإن كان هناك بينها إختلاف آديولوجيا .بينما ما هو كائن الآن هو بعيد عن تحقيق هذه الحالة المثلى للبلد , فالصراعات بين معظم السياسيين , والتناحر , وتغليب المصالح الفئوية والحزبية والشخصية , كلها تعتبر كمواد قاتلة لمفهوم الشراكة الوطنية , بل وتعتبر عامل هدم حقيقي لأي عملية سياسية صحيحة . فالوحدة السياسية لأي مجتمع ستبقى عرضة للتفكك , بسبب التناقضات الناتجة عن المصالح الفردية والفئوية الضيقة والمتنوعة , والمتنافرة أحيانا . يقول السيد الحكيم : إن الواقع يفرض علينا تقديم افكار جديدة وعدم الدوران في حلقة مفرغة، فالواقع السياسي يشهد تغيرا كبيرا في الوقت الراهن ولم تعد المكونات ممثلة بقوى موحدة في رؤيتها السياسية , مما يمنح الفرصة الكبيرة للذهاب الى حكومة أغلبية شرط تمثيل المكونات الاساسية في المجتمع بها . وحكومة الاغلبية ستسمح ايضا لقوى سياسية ناشئة من كل المكونات بان تأخذ دورها في حركة التطور السياسي للبلد ." وهنا نلمس أن الهدف الرئيسي لمبادرة السيد الحكيم في حكومة الأغلبية السياسية هو الحفاظ على وحدة المجتمع السياسي وتماسكه , من خلال وجود قيمة مشتركة للجميع , تتعدى أهداف كل من الأجزاء المكونة للمجتمع . فالحكيم يؤكد ما بين السطور أن القيمة العليا من الممارسة السياسية يجب ان تكون هي المجتمع نفسه , من خلال تعبيره بعبارات : الوطن , المواطن , الشعب ... فالسلطة السياسية في نظره , يجب أن تكون المعبرة عن المجتمع , وأن تكون عائديتها تنحو نحو غاية مجتمعية تعلو الغايات الخاصة لكل من الفئات والأحزاب والتنظيمات ...إذا ما نلمسه من خطوة السيد عمار الحكيم تؤكد وبشكل علمي على أهمية مراعاة الظرف الزماني والمكاني في ممارسة العمل السياسي , ( فما ينبغي أن يكون عليه الوضع ) في الحالة السياسية العراقية , هو إقامة حكومة الشراكة الوطنية . ولكن ( ما هو كائن فعلا ) , أي الحالة التي لاتمثل التكامل الأمثل للعملية السياسية , يتطلب إتباع مبدأ حكومة الأغلبية السياسية , أو أغلبية الشراكة السياسية , ليس كحالة إستقرار ولكن كحالة صيرورة تطورية في الفكر والممارسة السياسية العراقية, وكما قال السيد الحكيم , : " إن السنوات الثلاث الماضية قد عجزت فيها القوى السياسية عن الوصول الى حكومة شراكة وطنية كاملة، وان حكومة الاغلبية السياسية قد تكون المخرج للازمة السياسية لاستنادها الى شراكة مكونات يتصدى فيها فريق منسجم من تيارات سياسية عديدة تمثل المجتمع العراقي ".كما ربط سماحته بين ثلاثة مفاهيم رئيسية , وهي مفهوم نمطية العمل السياسي , وعلاقتها بإقامة الدولة العادلة , وعلاقة كل ذلك بمفهوم الوطن , مشترطا على من يريد أن يبني بلدا حقيقيا أن يكون فاهما ومدركا لمفهوم الوطن , وبكل أبعاده , فكان يرى ان حكومة الأغلبية السياسية ستكون حلا للعقول التي لاتستطيع التعاطي مع مفهوم الشراكة الوطنية , حيث يقول : إن العقول التقليدية لا تستطيع أن تبني وطناً أو تحميه، فلنخرج من هذه الأزمات والنفق المظلم بإيجاد الحلول، ومنها حكومة الأغلبية ."وهنا يشير الحكيم من طرف خفي الى أن خلق مفهوم الدولة من الواجبات المهمة التي تضطلع بها الحكومات في العمل السياسي المعاصر , وخلق مفهوم الدولة هذا يجب أن يكون قائما على مبدأ كونه كركيزة للسلطة , حين يكون القائمين عليها مجرد عمال لها يمارسونها بإسم ولحساب شخصية الدولة . بحيث يمارس القائمون على السلطة مظاهرها بإعتبارهم عمالها لا أصحابها . وهذه الصورة العظيمة بالذات هي التي اراد الحكيم إيصالها الى .... من يهمه الأمر ..محمد أبو النواعيرالعراق - النجف الأشرف ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك