ربما تتذكرون مسرحية الخرابة ، هذه المسرحية العراقية الشهيرة التي عرضت في بغداد في سبعينيات القرن الماضي وأخرجها القديرين الذين لن يتكررا: قاسم محمد وسامي عبد الحميد و كتبها ومثل فيها عملاق المسرح العراقي يوسف العاني، ولعل العواجيز أمثالي يتذكرون شخوصها وشخصياتها مثل نجم البقال ولعيبي الفلاح وسكينة وحساني"خبالو المجنون" وغنية...
حسنا..ربما سيتسائل قاريء كريم ؛ وما رباط الكلام في هذا الاستذكار في موضوعك اليوم؟ ..
الحقيقة أن الاجابة تكمن في أن الكثيرين وجدوا أن سياستنا تسير كمن يمشي على يديه، فالحكومة الحالية تشكلت وهي " خرابة"!! إذ أنها ولدت وهي تحمل عوامل فنائها معها!! ..فقد سلكنا مسلكا لم يسبقنا أحد في العالمين أليه، وخدعنا أنفسنا وأعطيناه أسما كبيرا هو " حكومة الشراكة الوطنية" ، بيد أن هذه الشراكة كانت شراكة خصوم، لا بد أن يأتي يوم و"تخرب" !
لقد ولد الشراكة ومعها نشطت محاولات محمومة لعرقلتها عبر آليات وادوات باتت مكشوفة الأغراض والأهداف، وتنصب أهداف تلك التجاذبات على الوصول الى هدفين، الأول هو الحصول على أكبر قدر ممكن من كعكة السلطة لإشباع الذات والحزب والفئة، وهذا بالطبع يؤدي الى تراجع كبير في المسيرة الديمقراطية، الأمر الذي وضع البلاد امام ازمة كبيرة إذا لم تعالج ستفتح باب الفتنة وتساهم بعودة الدكتاتورية البعثية وتعزز التدخلات الاقليمية، و الثاني تشكيل سلطة موازية لسلطة الحكومة بأهداف ورؤى وخطط مختلفة تماما عن هدف بناء دولة مؤسسات حقيقية، و يغذي هذا المنهج القوى التي تعمل على بعثها الطائفية المتعصبة العمياء موظفة إمكانات كبيرة معظمها وارد من الخارج علنا للوصول الى هذا الهدف الخبيث , ولا تتورع في سبيل تحقيق أهدافها من تدمير كل شيء وكل منجزات العراقيين السياسية.
إن مستقبل العراق لن يبنى إلا بشراكة حقيقية تركن على الرف الإعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية في هذه المرحلة على الأقل، فلا شراكة حقيقية بين متخاصمين يبحث كل منهم عن زلات وهنات الآخر يتصيدها ويطبل لها. في شراكتنا تحول كل من الحكومة والبرلمان الى ديكين في خرابة ينهش أحدها الآخر ، وأنعكس أثر الخصومات على الشارع،لأن ثقافة الإحتراب ما زالت معشعشة في بعض الرؤوس التي لم تستطع مغادرة الماضي بكل آثامه وآلامه ، ولن نتمكن من مغادرة الماضي لأنها نسخة أصلية منه...!
كلام قبل السلام: مفتاح باب الفشل في السياسة يكمن في محاولة إرضاء الجميع..!
سلام...
https://telegram.me/buratha