لطيف عبد سالم العكيلي
يبدو ان مشكلة الجفاف التي خيمت في السنوات الاخيرة على فضاءات اغلب مناطق البلاد بدأت معالم اثارها المستقبلية تظهر في افق كثير من مدننا في ظل قلة تساقط الأمطار وانحسارها ببعض المواسم ،اضافة الى انخفاض مناسيب المياه في الأنهر العراقية الى معدلات غير قادرة على سد حاجة المزارعين الذين ما يزالون يعتمدون الاليات القديمة في فعالية الارواء . ويشير كثير من الباحثين والمختصين بالشأن الاقتصادي الى المشاكل الكبيرة التي خلفتها ظاهرة الجفاف التي ضربت البلاد في المدة الماضية ،بالنظر لتسببها بخسائر كبيرة تحملها الاقتصاد الوطني في أعقاب هجرة مئات الالاف من المواطنين لمزارعهم الى جانب الاضرار الكبيرة التي اصابت الثروة الحيوانية وما تحملته البيئة العراقية من مشكلات اسهمت بتصدع صحة المجتمع .وبصورة عامة لم تتمكن الجهات المعنية بموضوع الجفاف من مواجهة مشكلة التصحر في المناطق التي طالت اراضيها هذه الظاهرة بما ينسجم واهميتها المتمثلة بانعكاسات اثارها السلبية على اقتصادنا الوطني واستقرار ورفاهية المجتمع الذي يعد احد ابرز مقومات البناء الاجتماعي بسبب اقتصار برامجها على فعاليات خجولة لا تتعدى اقامة المشروعات البسيطة التي من شانها الإسهام بشكل نسبي في اعانة الفلاحين على الاستمرار بامتهان الزراعة ،مثل حفر الابار الارتوازية والعمل على انشاء بعض الاحزمة الخضراء وزراعة النباتات الرعوية في بعض مناطق التصحر لغرض المعاونة في تثبيت التربة . وقد افضى هذا الواقع الى زيادة مخاوف بعض الحكومات المحلية من خطورة تداعيات ظاهرة التصحر في القادم من الايام التي ربما حملت في رحمها مصاعب لا يمكن تجاوزها بما متاح من امكانيات ،وتصديقا لما ذهبنا اليه اجد من المهم الاشارة هنا الى ما اعلنته حكومة نينوى المحلية في النصف الثاني من هذا العام على لسان محافظها اثيل النجيفي عن مخاوفها من حيثيات هذا الواقع ومحذرة في الوقت ذاته من كارثة بيئية جراء مشكلة التصحر التي تشهدها المحافظة . واستنادا الى ما اعلنه النجيفي ،فان مساحة الاراضي الزراعية المعرضة للتصحر تزيد على اربعة ملايين دونم من الاراضي الزراعية وهي آخذة بالزيادة كل سنة ،منتقدا في الوقت ذاته بطء عمل الجهات المختصة في مواجهة مشكلة التصحر على الرغم من كثرة المخاطبات المتعلقة بموضوع انقاذ ما يمكن انقاذه من الاراضي التي تعرضت الى التصحر . ويمكن القول ان النقص الكبير بمواردنا المائية واثار التغيرات المناخية التي تلمس المواطن جانبا من انعكاساتها بارتفاع درجات الحرارة في الاعوام القليلة الماضية ،اضافة الى اخفاق إدارة المياه في رسم سياسات استراتيجية بوسعها المحافظة على مخزون من المياه يلبي حاجة البلاد تشكل ابرز العوامل التي اسهمت في تنامي مشكلة التصحر وتفاقم اثار الجفاف ،وفي مقدمتها المخاطر البيئية الخطيرة التي ماتزال تعصف ببلاد الرافدين .• المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .
https://telegram.me/buratha