احمد نعيم الطائي
اشعر بالفرح حين اشاهد بغداد تنفض عن مجدها غبار ودمار وويلات الحروب ، ومقابل هذا الفرح اشعر بالحزن والالم حين اشاهد الخراب يظهر من جديد بعد الانتهاء من مشروع يفترض ان يكون للاعمار ، كما هو الحال في جسري الاحرار والشهداء حيث بدأ سوء وبؤس التنفيذ واضحاً بعد اقل من ثلاثة اشهر على انتهاء العمل فيهما ، ومن معالم فقر التنفيذ انفصال الصفائح الحديدية للارصفة عن اماكنها ، الامر الذي لايتناسب مع مكانة هذين الجسرين العريقين او المبالغ الكبيرة التي تقاضتها الشركات المنفذة لتأثيثهما. اعود الى موضوع المجسرات البغدادية فهي بإعتقادي الأغرب في العالم على الاطلاق من حيث اختيار المكان وليس من حيث التنفيذ لان هذا الامر ليس من اختصاصي . ومن البديهي ان اي مجسر تأتي ضرورة انشاؤه لانهاء الزخم اوالارباك المروري في تقاطع مهم وحيوي ، او لوجود ممر نهري ، او لتجاوز سكة قطار او مترو ظاهري وغيرها من الموجبات الاساسية لانشاء المجسرات ، اما مجسرات بغداد التي نفذت لمآرب تبدو للكثيرين مجهولة ، وإلا كيف نفسر انشاء مجسر مثل مجسر ساحة قحطان بالقرب من مستشفى اليرموك والسيارات صعودا ونزولاً تتفاجأ بسكة قطار لاتبعد اكثر من مئة متر من المجسر ، بالوقت الذي يفترض ان يكون المجسر فوق هذه السكة التي تعتبر السبب الرئيس في الازدحام المروي الذي مازال قائما في هذه المنطقة منذ سنين طويلة.
اما المجسر الثاني فهو مجسر لايقل غرابة عن الاول وهو مجسر الصالحية الذي شوه معالم اجمل مناطق بغداد دون ادني سبب لانشاءه كون المنطقة تملك شارع واسع ولايوجد فيه تقاطع طرق مزدحم او ممر نهري او سكة قطار او غيرها من الاسباب الملحة اوالموجبة التي تدعو لانشاءه في الصالحية ، لكن للاسف تم مد هذا الجسم الكونكريتي الضخم في عمق شارع هذه المنطقة ليبدأ من منتصف الشارع باتجاه شارع حيفا الذي يعرف بتصميمه المناسب لحالات الزحام كونه من الشوارع الحديثة الواسعة ببغداد قياسا بالشوارع القديمة الاخرى ، كما ان هذين الشارعين لم يشهدا اي زحام الا في حالات الاختناق التي تحصل على جسر الاحرار بسبب الازدحام في تقاطع حافظ القاضي او ساحة الوثبة في جانب الرصافة وهي الحالة التي لادخل للمجسر الكرخي بحلها او انهاءها.كنت اتمنى ان تخصص المبالغ الضخمة التي رصدت لمجسر الصالحية ان تصرف على اعادة الحياة لمسرح الرشيد باعتباره معلماُ بغدادياً حضارياً يسهم في اعادة الحياة الثقافية ويعطي الاحساس للمثقف العراقي ان هذا الصرح الذي يقف عاريا منذ قرابة العشر سنوات سيقف شامخاً يرتدي حلته البهية.
اما المجسر الثالث وهو مجسر منطقة الشعب الذي لا ارى في انشاءه اي مبرر فني او منطقي كباقي المجسرين اللذين ذكرتهما ، لانه ايضا يمتد ككتلة كونكريتية في شارع واسع ممتد بصورة مستقيمة لايوجد فيه تقاطع يربك السير او اي عائق يستوجب انشاءه ، بل بالعكس تسبب في عرقلة السير لاسيما عملية الدخول والخروج من والى المناطق المحاذية للشارع. وقائمة تلك المجسرات الغريبة والعجيبة لاتنتهي فهناك عدد اخر من تلك المجسرات مثل مجسر علاوي الحلة الذي يتسبب يوميا بالعديد من الحوادث المؤسفة وهو الاخر محير حتى للباعة الجوالين في العلاوي.وبالتاكيد ان الارباك والتقاطع والعشوائية في تنفيذ الكثير من المشاريع بالبلاد وعدم جدوى بعضها يعود الى عدم وجود ستراتيجية وطنية مدروسة بعيدة المدى لاعادة الاعمار تساهم فيها المؤسسات المعنية بالمشاريع والذي يفترض ان تكون باشراف وزارة التخطيط والتعاون الانمائي.أتسأل ومعي الكثير من البغداديين ، من المسؤول عن تحديد مواقع هذه المجسرات ، او من هي اللجان التي خططت ووضعت الخرائط لها ومن هي اللجان التي منحت حسن التنفيذ لمشروع تأثيث جسري الاحرار والشهداء . هذه المشاريع اقل ماتوصف بانها هدر واضح ومنظم لاموال الشعب.
https://telegram.me/buratha