الشيخ حسن الراشد
قبل ما يقارب من 10 سنوات وقفت امريكا مع مطالب الشعب العراقي ودعمت مساعي المعارضة العراقية في اسقاطالنظام البعثي في بغداد ‘ وقد ارادت واشنطن ايصال رسالة الى الشعب العراقي مفادها " صحيح اننا وقفنا ضد طموحالعراقيين في انتفاضة شعبان ودعمنا الطغيان الطائفي لنظام صدام السني الا اننا ارادنا في عام 2003 ان نكفر انذنبنا ونهدي العراقيين وخاصة الشيعة والاكراد انتصارا ساحقا على عدوهم الدموي رغم علمنا ان ذلك يكلفنا كثيرافي منطقة حساسة وخطيرة كالخليج والتي يوالي لنا زعماءها السنيون بالسمع والطاعة وقدموا لنا كل التسهيلاتللتواجد الفعال والحضور العسكري المشهود الا اننا فضلنا التضحية بكل تلك الامتيازات التي منحنا اياها السنَيون منالحكام في الخليج وعلمنا ان ذلك سوف يخدم خصمنا الايراني الا اننا فضلنا ان ننتصر لشعب العراق ونحرر شيعتهونسلم العراق على طبق من ذهب لحلفاء خصمنا الذين هم بدروهم ايضا حلفاء وخصم في آن واحد"!
هذه خلاصة لسياسة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة بعد احداث 11 سبتمر والغزو السلفي لمنهاتن نيويوركوتدمير ابرز معالم الاقتصاد الامريكي المتمثل في البرجين العالميين من قبل الحليف السني الذي يقاتل اليوم جنبا الىجنب مع الحليفي الامريكي في سورية !
في السياسة كل شيء متوقع حيث ليس هناك صداقة مستمرة ولا عداوة ابدية بل مصالح مستمرة ‘ وهذا الامر يتجلىبوضوح في السياسة الامريكية في المنطقة والتبدل المستمر من صداقة الى عداوة ومن عداوة الى صداقة وليس ابرزمثال على ذلك هو تقلب التحالفات وتفعيل منظومة جديدة من الحلفاء تحل محل المنظومة القديمة نماذجها غير ما ذكركثيرة وعديدة ولعل نموذج الحلفاء من امثال زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي صالح وليس اخرهم معمرالذي كان خصما ثم صديقا ثم بعد تفجر ثورات مايسمى بالربيع العربي تحول الى خصما ! كلهم نماذج سيئة انتهتصلاحياتها واستبدلت بنماذج جديدة وهي الاسوء الا اانها مرحليا مطلوبة للوصول الى بعض الغايات !
وبرز نموذجان ‘ قديم وجديم ‘ليشكلا تناقضا حادا في سياسة الولايات المتحدة وتوجهها في رسم خارطة المصالحوتضاربها من موقع الى موقع اخر.النموذج السوري حيث ان تمردا سنيا ـ حسب ما جاء في افتتاحية واشنطن بوست يوم امس ـ يقوده اعتى عتاة الارضواكثرهم شراسة وعداوة للولايات المتحدة الامريكية هذا التمرد الذي يتصدر مشهده السلفيون المتطرفون والقاعدةومجموعة من حملة رسالة "فقه الدماء" يحظى بدعم امريكي يشكك العديد من المراقبين بابعاده واجندته رغم ملامحالتغيير الذي بدأ اخيرا يطرأ عليه من خلال تصريحات كلينتون ودعوتها لتغيير المجلس الاسطنبولي تلك التصريحاتالتي وصفها هيثم المناع بانها انتهاء لصلاحية هذا المجلس والبدأ في فتح قنوات للحوار مع الاسد اما نحن فنعتبرهتراجعا امريكيا عن دعم التمرد السني واعادة من جديد لترتيب السياسة الخارجية الامريكية في ظل تصاعد الخطرالسلفي والقاعدي والتحذير الذي اطلقته الصحافة الامريكية من اشتداد عود المتطرفين في سوريا وتواجدهم عسكرياوبقوة على الارض وابرز ملامح التغيير هو اقالة او استقالة باتريوس صاحب نظرية الصحوات السنية!.وفي المقابل هناك نموذج اخر لاستبداد سني ـ هذا الوصف ايضا من الصحيفة ذاتها ـ يقوده طرف سني لن يختلففي المضمون عن النموذج السوري السني من حيث التطرف والامعان في نهج البربرية والقتل والوحشية في التعاطيمع خصومهم ‘ فقد كشفت صحيفة نيويوك تايمز من جهة ووكالة رويتر من جهة اخرى عن مدى وحشية التمردالسني والجيش السوري الحر في تعامله مع المدنيين والجنود غير المسلحين وقتلهم عبر الاعدامات الميدانية وبقساوة اعادت الى الاذهان مشاهد قتل وذبح المدنيين في العراق ومشهد اعدام الامريكيين في الفلوجة قبل 8 سنوات‘هذا النموذج هو الاستبداد السني في البحرين والمتمثل في العائلة الخليفية الحاكمة والتي تمارس بحق الاغلبية من المواطنين الشيعة ظلما لن يختلف عن ظلم المتطرفين في سورية بحق خصومهم والمختلفين معهم في الرأي وفي هذاالصدد كتبت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر بتاريخ 10-11-2012 مقالا قالت فيه " هكذا اجراءتضر بمصداقية الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط ‘ حيث لاحظ العديد من المراقبين ان الولايات المتحدةتدعم تمردا سنيا في سوريا‘ في حين انها تدافع عن الاستبداد السني في البحرين ـ مما يظهر لا حياديتها في التنافسالطائفي المتزايد في المنطقة‘ والاسوء من ذلك هو ان هذه السياسة تهيئ الارضية لفقدان التحالف والقاعدةالبحرية مستقبلا ‘الاستبداد البحريني‘مثل غيره في منطقة الشرق الاوسط ‘ لن يدوم بالنسبة للولايات المتحدة‘ الاصلاح الديمقرطي في الامارة ليس ترفا بل مصلحة لا غنى عنها (اساسية) " .هذا التقريع والانتقاد الذي تمارسه الصحافة الامريكية ضد سياسة امريكا في المنطقة هو تمهيد لاجراء تغيير واسعفي السياسة الامريكية بعد ان اثبتت احداث ما يسمى ثورات الربيع الاعرابي فشل ما خططت له الادارة الامريكيةفي ولاية اوباما الاولى وتبين لخبراء السياسة الدولية في الولايات المتحدة ان الرهان على حكام الخليج واكاذيبهموالاسترسال مع مد " التنافس الطائفي" امر خطير يهدد السلم العالمي ويشعل المنطقة والعالم بحروب لا نهاية لهاوقد اعتبر بعض المراقبين ان تنحي كلينتون وزيرة الخارجية وكذلك وزير الذفاع واستقالة باتريوس عن وكالةالاستخبارات الامريكية سي آي اي مؤشر على تغيير جذري في سياسة امريكا الخارجية وحتى العسكرية وقدابرز اوباما في خطاب الفوز بالولاية الثانية هذا التوجه اشارة عندما اشار الى انهاء عهد الحروب الخارجية .
واخيرا لابد من القول في هذا السياق ان التمرد السني في سورية ذاهب الى الفشل والتبخر وان الاستبداد السني وفقا لتعبير الصحيفة الامريكية لن يدوم وان امريكا التي ضحت بمصالحها من اجل اسقاط الاسبتداد السني في العراق فانها سوف تضحي بال خليفة والات الخليج اجلا ام عاجلا من اجل انهاء الاستبداد السني والحفاظ على مصالحها فيالمواقع الاخرى الاهم استراتيجية من الخليج .
https://telegram.me/buratha