باقر العراقي
يحكى ان حاكما لأحد المدن في العهد العثماني كان يشكو من سوء خلق اولاده بعد ان اشتهروا امام الناس بالسكر والتسكع ليلا في الشوارع ، وهم يحذون بذلك حذو ابيهم الذي يعمل هذه الامور لكن في الغرف المظلمة ليحافظ على هيبته امام الناس ، وبعد أن استعصى الأمر عليه أرسل طلبا مبطنا بالتهديد إلى أصحاب الحانات وباعة الخمر في المدينة لكي يرحلوا عن المدينة ، والا سيريهم الويل والثبور ، لأنهم سبب إفساد اولاده وليس قدوتهم وحاكم مدينتهم .
كذلك قصة أخرى من موروثنا الشعبي تتحدث عن راعي جاموس يترك جواميسه ترعى داخل الأراضي المزروعة بالقمح والشعير ، ولما طالبه احدهم بالسيطرة على دوابه ، قال لهم كلمته المشهورة والتي بقيت مثلا على مدى الدهور ( شيل كاعك عن دوابي ) أي ارحل أنت وأرضك عن جواميسي ..
مرة أخرى تبدأ معركة جديدة بين فقراء الشعب وحكومتهم المنتخبة والتي من المفروض انها خرجت من رحم معاناتهم ، إلا أنها هذه المرة اتسمت بطابع آخر غير المعارك السابقة ولو أنها تسير على نفس الطريق وهو طريق آفة الفساد والتي ابتلى بها مساكين الشعب ليكونوا أول المتضررين والمسئول هو المستفيد الأكبر .
هذه المرة وضعت مشاعر الناس ومشاكلهم وهمومهم التي تهم لقمة عيشهم جانبا ، وأتخذ القرار بإلغاء البطاقة التموينية التي يعيش عليها غالبية أبناء الشعب ، فلو عدنا إلى الثوابت والمتغيرات لوجدنا أن الثوابت وهي المبادئ الأساسية وهناك متغيرات ممكن تغييرها في أي وقت وفقا للظروف الآنية والمستقبلية وما يتطلبه تأصيل المبادئ الأساسية وللأسف اتخذ القرار عن طريق اللاوعي ، وليس لحل مشكلة وإنما إلغاء مشروع يعيش علية الناس بسبب مشكلة حكومية اسمها الفساد ، وهذه قمة الكوارث الإدارية في التاريخ السياسي ..
أيام الحصار كان الفساد في الوكلاء الموزعين والآن الفساد في المؤسسة العليا ، وبالتأكيد لو كان لدينا ذرة من لب عقل بشري لعرفنا ان وراءها مسؤول والذي طالما يتذرع ويتلوى ويرجع الأمور إلى الفساد المسكين متلاعبا ومستخفا بعقول الملايين الذين ربما وحسب رأيهم يستحقون هذه القرارات الجائرة لأنهم هامشيون ولا يستحقون إشراك مسئولي الحكومة في تفكيرهم لحظة تصويتهم على هذا القرار .
فهل إلغاء القرار بعد يومين يشفع لهم بأنهم عادوا الى التفكير الواعي ام هناك أسباب أخرى تدعوهم إلى مثل هذه الأفعال ؟ أم أن حكومتنا اكتشفت نظريه جديدة اسمها ((نجوع الشعب... حتى لا يسرق المسئول ))؟
https://telegram.me/buratha