خضير العواد
الذي يقنن تصرفات وأخلاق أي إنسان مجموعة من العوامل أهمها التعاليم الدينية والمبادئ الإنسانية والتقاليد والأعراف ويشرف عليها جميعاً مخافة الله سبحانه وتعالى ، فهذه العناصر التي تهذب الإنسان وتنظم علاقته مع إخوانه وجميع الكائنات التي تعيش معه على هذه المعمورة ، وفقدان تأثير واحد من هذه العناصر سوف تؤثر على أفعاله وكلماته ومواقفه ، لهذا فأن المقياس الحقيقي لأخلاق أي أنسان يعتمد على عمق تأصل هذه العناصر في داخله وخصوصاً المخافة من الله سبحانه وتعالى ، فكلما ضعف أو قل تأصل هذه العناصر نلاحظ تصرفات الإنسان تسوء حتى يصبح إنسانٌ شرير لايحب فعل الخير والإحسان بل يتلذذ بأذية ما يعيش حوله من إنسان أو حيوان ، والإنسان السيء الذي لا يخاف الله سبحانه وتعالى والعوامل أعلاه غير متأصلة في وجدانه نلاحظه كألبركة الراكدة (الماء الأسن) عندما تنظر إليه لا يوحي لك بشيء ولا يُظهر لك شيء مهم سوى قد يكون منظره غير جميل وفي بعض الأحيان غير قبيح ولكن عندما تحركه بشيء ما يُخرج لك رائحة كريهة وكلما أكثرت الحركة فأن رائحته النتنة تقوى وتكثر ، فهذه الحركة هي التي أظهرت حقيقة هذا الماء الراكد وبيّنت خبث صفاته ، فهكذا الإنسان الذي يفتقد العوامل المقننة لأخلاقه وخصوصاً مخافة الله سبحانه وتعالى فأن التجربة هي التي تبين حقيقته ومعدنه فإذا أُعطيَ مسؤولية فأنه سيخونها بمختلف الطرق لأنه يفتقد لمن يردعه ويقوَّم تصرفاته ، وإذا دخل في تجربة ما فأنه لا يظهر منه إلا السيء من الصفات ، أما الإنسان الجيد الذي تتأصل العوامل أعلاه في وجدانه وخصوصاً مخافة الله سبحانه وتعالى فأنه كألوردة التي تمتلك جمال بعض الشيء مع بعض الأشواك الصغيرة لكي تدافع عن نفسها وسط هذا العالم القاسي ، فأن منظرها الخارجي لا يوحي بشيء فقط بعض الجمال ولكن حركها فأن رائحتها الطيبة ستخرج لك وتملئ أنفك كأنها تحيَّك وكلما أكثرت الحركة فأن رائحتها ستكثر وتصبح أقوى كأنها تقول كلما حركتني فأنني أعطيك من طيب الرياحين لأنني لا أمتلك غيرها وفاقد الشيئ لا يعطيه ، والإنسان الجيد الذي تتأصل فيه المبادئ وإحترام التقاليد والأعراف والإلتزام بتعاليم الدين الحنيف والمخافة من الله سبحانه وتعالى وهذه أهمها وأخطرها لأن المؤمن كما يقول الحديث الشريف مابين الرجاء والخوف فأن التجارب الصعبة والمواقف الحساسة لا تُظهر منه إلا الجميل من الصفات والمواقف لأنه يمتلك من يقنن كلماته وأخلاقه وتصرفاته وأفعاله ، لهذا فأن أغلب المسؤولين العراقيين لاتتأصل في أعماقهم العوامل المقننة أعلاه وخصوصاً مخافة الله سبحانه وتعالى لهذا نلاحظ لايخرج منهم إلا السيء من الصفات إتجاه الشعب من الخيانة في المسؤولية والإستهزاء بحقوق الضعفاء وعدم أحترام أرواح الناس وغيرها من الصفات الرديئة التي تظهر منهم عند وضعهم في أي موقف أومكان كأنهم يقولون إننا لا نتمتلك الصفات الجيدة لأننا لا نخاف الله سبحانه وتعالى وفاقد الشيء لا يعطيه .
https://telegram.me/buratha