خضير العواد
شهرم محرم الحرام من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال ومن الأشهر التي أتفقت عليها القبائل العربية قبل الإسلام أن تضع فيها السلاح وتعيش السلام ، لكي يتم التنقل وقضاء حوائج المجتمع العربي من الناحية الإقتصادية والإجتماعية ، فكانت هذه الأشهر (محرم ورجب وذي القعدة وذي الحجة ) محط إحترام جميع القبائل والذي ينتهك حرمتها يصبح من الموبقين عندها ومن قتل في هذه الأشهر فديته دية كاملة وثلث لأنتهاك حرمته في الحُرم ومن قتل على العمد في غير الحرم ثم لجأ الى الأشهر الحرم لم يقتل فيه لكن يمنع من الطعام والشراب ولا يكلم ولا يبايع ولا يشاري حتى يخرج من الحرم فيقام فيه حد الله سبحانه وتعالى.... (1)، وأول الأشهر الحرم هو شهر محرم الحرام الذي أصبح أسمه ملتصق بعنوان الحرمة والحائزعلى أحترام القبائل العربية أكثر من بقية الشهور ولكن هذه الأمة أنتهكت حرمته بابشع جريمة عرفتها الإنسانية من ناحية قدسية ومكانة الشخصية التي قتلت فيه والطريقة المستعملة في الفعل الإجرامي ، فقد قتلت جيوش بني أمية الإمام الحسين (ع) أبن بنت رسول الله (ص) والأشراف من بني هاشم ومن رافقهم في أرض كربلاء بعد أن قطعت عليهم الماء لثلاثة أيام وأخذت رأس سيد شباب أهل الجنة بعد أن قطعته مع رؤوس أهل بيته وأصحابه وكذلك نساء وأطفال أل الرسول (ص) ومن رافقهم من نساء الشهداء كأسرى الى اللقيط بن اللقيط عبيد الله بن زياد في الكوفة ومن ثم الى الخليع شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة يزيد بن معاوية في دمشق الشام ، لقد ثارَ سيد شباب أهل الجنة عليه السلام بعد أن شاهد رضوخ أمة جده للطغات من بني أمية وابتعادهم عن الدين القويم وتوجههم الى طريق الجاهلية العمياء ، فصرخ بكلماته التي تدوي في سماء هذه المعمورة لأكثر من 1400 سنة (وأني لم أخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص) أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن ابي طالب ....).....(2) وقد أصبحت هذه الثورة الشعلة التي يهتدي بها جميع الأحرار في العالم ويتغنى بها جميع عشاق الحرية ويتخذها المثال الذي يجب أن يقتدى به جميع طلاب الحق والحياة الحرة الكريمة ، أي صرخة محرم الحرام في كل عام لها شقين شق عقائدي وهو إرجاع الأمة الى طريق الإسلام الحق الذي أمر به الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة أن تسلكه وأخبر به رسوله الأمين (ص) وهو ولاية علي بن أبي طالب (ع) والشق الثاني هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أي ثورة الإمام الحسين (ع) مستمرة من يوم عاشوراء عام 61 هجرية لهذا اليوم لتثبيت المعروف والتشجيع على العمل فيه والنهي عن المنكر ورفض العمل فيه ، أي كل من يأمر بالمعروف ويعمل فيه ويحب ويشجع على العمل فيه فأنه يشارك أبا عبد الله الحسين (ع) في ثورته لأن رسول الله (ص) قال ( من أحب عمل قوم حشر معهم ) وقال (من أحب عمل قوم أشرك في عملهم)....(3) ومن يعمل بالمنكر ولا ينهي نفسه عنه فأنه يقف في المعسكر المضاد لثورة الحسين (ع) لأنه يقوم بالعمل الذي ثارَ من أجل النهي عنه سيد الشهداء (ع) ، فجميع المفسدين الذين يسرقون حقوق الناس ويخونون الأمانات ولا يتورعون بقتل النفس المحترمة فأنهم في المعسكر الأموي وأن رفضوا ذلك ولكن أعمالهم هي التي تدفعهم الى هذا المعسكر المعاند لله سبحانه وتعالى ، فألذي يريد الألتحاق بمعسكر الأسلام الحق المتمثل بطريق الشهادة والإباء طريق أبا عبد الله (ع) أن يقوّم نفسه على حب العمل بالمعروف والإبتعاد عن فعل المنكر والنهي عنه ، هذه هي الصرخة المحمدية العلوية الفاطمية الحسنية الحسينية التي تنبعث مدوية في شهر محرم من كل عام ، لكي تذكر الأمة بطريق إلله القويم المتمثل بولاية أمير المؤمنين (ع) الذي يؤدي بها الى السعادة في الحياة الدنيا والجنان ما بعد الممات والتأكيد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.(1)المقنعة - الشيخ المفيد ص743 (2) مقدمة لافي أصول الدين - الشيخ وحيد الخرساني ص358 (3) أعيان الشيعة- السيد محسن الأمين ج1ص302
خضير العواد
https://telegram.me/buratha