صالح المحنه
من قصيدة للشاعر المسيحي بولص سلامه في حق الحسين عليه السلام ، وانا أراقب واتابع الأحتفالات المليونية وفي كل أنحاء العالم بذكرى إستشهاد الأمام الحسين وأهل بيته الأطهار وهي في إزدياد كل عام، ليس إستغراباً لأنه مَنْ يعرف الحسين عليه السلام لايستكثرُذلك ، ولكني تذّكرتُ مقاطعَ من قصيدة الشاعر المرحوم بولص سلامه،وكلماته العجيبة المعبرة عن كربلاء الحسين وكيف أبدع حينها في وصف كربلاء التي تقدّست بدماء سيد الشهداء ، وأعطاها تعريفاً دقيقاً عندما قال ..كربلاء ستصبحين محجاً..وتصيرين كالهواء إنتشارا..أكبرتُ في هذا الشاعر الكبير روحه الشفافة التي عرفت الحسين وكربلاء.. وأنا أرى اليوم تلك الحقيقة وذلك الوصف الدقيق، والذي نعيشه بتفاصيله ، من خلال المجالس الحسينية المنتشرة في كل أنحاء العالم..لم يكن وصفا لمجهول أو مبالغة في ولاء وطاعة وحب لأحد أولياء الله الصالحين والأيمة المعصومين ، بل هو قول حقٍ وصدقٍ، فقد صارت فعلاً كربلاء كالهواء إنتشارا عندما يُحتفل بذكراها في أغلب الدول ،لاتكاد تخلو أي دولة في العالم وأي بقعة يسكن فيها محبي الحسين وشيعته..إلا وتفجّرت من ذلك المكان الدموع والاذكار التي تمجّد تلك الدماء التي عطّر أريجها أثير الكرة الأرضية، تلك الدماء التي صارت عنواناً للثائرين.. ونبراساً للأحرار...وعلماً يلتف به الثوار في كل زمان ومكان...مئات السنين مرت وتمر على واقعة كربلاء ولازالت تلك الدماء تتفجّر من ارضها نوراً لتبعث في قلوب ونفوس المظلومين... الثورة و الإباء والسموّ... كلما يُذكر الحسين شهيدا..موكب الدهر ينبت الأحرارا.. لطالما تغنّى الأحرارُ بذكر الحسين الأبيّ ...صاحب الخلق المحمّدي..والكمال العلوي.. واتخذوه شعاراً ورايةً .. في وجوه الطغاة والمتكبرين...سوف لن تنسى الأنسانية موقف الحسين الشهيد مهما طال تأريخها ..لأنها لم ولن تشهد له مثيلا..كلُّ أيام الحسين خالدةٌ ..عطاءٌ.. وطاعةٌ لله.. وتقوى.. ومعرفة.. وعلم.. وشجاعةٌ ..وبرٌّ.. وزهدٌ.. ووفاءٌ لدينهِ وأمتهِ..ولكنَّ يوماً في حياة الحسين..يوم عاشوراء... كبّرَتْ له الدنيا ..وبكت له الملائكةُ.. وأنحنت له الأنسانية خشوعاً.. وخضع له التأريخ خجلاً.. من شموخ الحسين ..هذا اليوم الذي اشغل العالمين ...حتى اقلقَ اعداءَه، وقوّضَ مضاجعَهم ذكرهُ ، وهامَ بهِ محبيه ومُدت الكرامةُ حول هاماتهم، واستمرَّ ذلك اليوم شاهداً وحاضراً وراعياً ونوراً وسيبقى الى يومِ يُبعثون ، فكما حافظَ الإمامُ الحسين على مباديء وقيم الإسلام المحمّدي في حياته الى يومِ تتوّيجَه هذا الوفاء بالشهادة ، كذلك إستمرّت دماءُه الزكيّةُ راعيةً لدين جدهِ ، فمهما بلغَ الإنحراف مبلغُه في مَنْ تصدى للدين وإمرة المسلمين، ومهما حاولوا تغيير الحقائق، وطمسها ، وتزييف معالم التأريخ وسردها كما يحبون ، تفجّرت دماء الحسين من جديد ناطقةً بالحقِ تستصرخُ ضميرَالأمةِ لتشهد على ذلك الإنحراف، تنبعث بنورها لتنيرَ الطريقَ لمنْ أراد الهدايةَ والأستقامة والسير في الدربِ الذي رسمَهُ سيّدُ الشهداء وأبو الأحرار، يومُ الحسين في كربلاء عاشوراء لم ولن توقفهُ عجلةُ الدهرِ ولا احد يستطيع أن يعترضَ هذا النهر الرسالي، ولاأحدٌ له الفضل في إستمراره ، لأنه يحمل معه الخلودَ والبقاءَ وسرَّ الوجود ، فالدماء التي إنبعثت من نحرِ الحسين هي دماء محمّد صلى الله عليه وآله وسلم..دماء حبيب الله لن يجرأ الدهر على إطفاء شعاعها لأنها لم تتكرر ولن تجف حتى يُظهر الله أمره.. حسينٌ مني وأنا من حسين ..أحب الله منْ أحبَّ حسينا..هكذا صرّحَ رسول الله ص ، لذلك عجز الطغاة وأعداء الأسلام المحمّدي الأصيل أن يوقفوا مسيرةَ هذا الدم ويطفئوا وهجَ ثورة الحسين ، بل ساعدوا ببطشهم وظلمهم وطغيانهم على نشر مباديء الحسين ، هجروا الملايين من شيعته وأخرجوهم من ديارهم ظلما وعدوانا لينقلب هذا التهجير القسري الى إنتشارٍ لمباديء الحسين، وتُضيء أنواره في سماء الشرق والغرب وتصل الى من لم يتعرّف على الحسين ونهج الحسين ونسب الحسين ، ومَنْ عرِفَ الحسين وخالفه فقد خالف العدل.. والأستقامة.. والحق.. والأنصاف.. والأسلام كله.. وجافا الحقيقة والوجدان ..فلا غرابة ولاعجب أن تهفوا قلوب محبي الحسين في كل مكان وزمان وتزداد أعدادُ محبيه ويتعاظمُ حبُّهُ في قلوبهم، لأن القلبَ الذي عرف الحسين ولم يحبهُ ليس فيه من الأنسانية شيئاً فضلا عن الأسلام....
https://telegram.me/buratha