المقالات

هل نفضّل كربلاء على مكة ?

2218 08:14:00 2012-11-22

بسم الله الرحمن الرحيم

في كثير من الروايات عن الائمة الاطهار سلام الله عليهم اشارات الى فضل زيارة الامام الحسين ع وما تعادل ونختار من باب الاستشهاد هذه الرواية

(عن بشير الدهان قال : قلت لابي عبد الله ع : ربما فاتني الحج فاعرّف عند الحسين ع , فقال : احسنت يا بشير , أيما مؤمن أتى قبر الحسين ع عارفا بحقه في يوم غير يوم عيد عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات متقبلات , وعشرين غزوة مع نبي مرسل او امام عادل , ومن اتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة ومئة غزوة مع نبي مرسل أو امام عادل , ومن اتاه يوم عرفة عارفا بحقه كتب الله له الف حجة والف عمرة متقبلات والف غزوة مع نبي مرسل او امام عادل ) .

ان هذه الرواية والروايات المشابهة بحاجة الى وقفة  يبحث فيها الشخص عن سر من اسرار كربلاء ليرتقي في سلم المعرفة درجة فهذا الجزاء مقيد بقيد ( عارفا ً بحقه ) وهي خيمة تسع الكثير من الامور التي تدفع الباحثين نحو الالمام بها قدر المستطاع للثبات على دينهم ومجابهة المشككين ولنيل الجزاء . فلو قرأ اعداء التشيع هذه الرواية لاقاموا الدنيا واقعدوها من ان الشيعة  يفضلون كربلاء على مكة  ؟ فهل نفضل كربلاء على مكة ؟

ان استغرقت بضع ثواني لتجيب عن هذ السؤال فادعوك الى البحث والى اعادة النظر في ما تعرفه كي تكون عارفا ً حقيقا ً حيث انه نعم ان كفة كربلاء هي الارحج  وبإدلة عقلية ونقلية  فعن رسول الله صلى الله عليه واله قال ( ... كربلاء هي اطيب بقاع الارض واعظمها حرمة )

ويقول الامام الصادق عليه السلام : (إنّ أرض الكعبة قالت: مَن مثلي وقد بنى الله بيته على ظهري ويأتينـي الناس من كلّ فج عميق وجُعلت حرم الله وأمنه! فأوحى الله إليها أن كفّي وقرّي، فوعزّتي وجلالي ما فضل ما فضِّلت به فيما أعطيتُ به أرض كربلاء إلاّ بمنزلة الإبرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر! ولولا تربة كربلاء ما فضّلتك، ولولا ما تضمّنته أرض كربلاء لما خلقتك ولا خلقت البيت الذي افتخرت به؛ فقرّي واستقري ) .

ويعلم الله اننا لسنا بصدد اثارة نقطة تهيّج المشكيين فهؤلاء يكفيهم خسارة انهم خرجوا من الفضاء المحمدي الذي تزينه الشموس المنيرة ولكن لمن هو محب وعاشق ويجد صعوبة في استيعاب الامر, يقبله ولكن عن غير تيقن  نقول ان الاحاديث النبوية واحاديث الائمة الاطهار حجة ونهج نمتثل له ونطيعه من غير تفكير هذا ان كنا قد وصلنا الى مراتب عالية من الايمان والا وهو الاغلب فنعرض الامر على  عقولنا القاصرة من باب ليطمئن قلبي عسى ان اطمئن في مواطن كثيرة يصل الى الدرجة التي تغنينا عن عرض الامر على عقولنا ما دام المصدر هم الائمة الاطهار  اصحاب الارواح الطاهرة والعقول الكاملة .

وبالرجوع الى التساؤل الاول من هل ان كربلاء مفضلة على مكة في مكانتها ,هنا لابد من الاشارة ان لمكة المكرمة  مقام عالي وشرف سامي ولاينقصها التساؤل شيء من قدرها معاذ الله , ان لقصة ابراهيم عليه السلام في مكة قرب كبير من قصة حفيده الحسين ع في كربلاء  في مواطن كثيرة نعرضها كمقارنة .

* ارض مكة كانت صحراء قاحلة قبل ان تطاها قدم النبي ابراهيم عليه السلام  امتثالا لامر الله بان يصحب اهله اليها وكذلك كربلاء كانت صحراء قاحلة قبل ان يطأها الامام الحسين مع اهلة امتثالا لامر الله عز وجل .

* الظمأ الذي اصاب هاجر واسماعيل والحيرة التي احتارت بها طلبا للماء هي ذاتها ما جرى على اولاد الحسين ع وللعقيلة زينب من طلب للماء .

* رجم الشيطان من قبل النبي ابراهيم حينما وسوس له بعدم الامتثال في مسألة ذبح اسماعيل يشابه امر ذبح الامام الحسين ع في كربلاء وكيف ان اهله وصحبه قد احزنوا الشيطان بصبرهم واحتسابهم الله .

ان التشابه كبير بين القصتين ففي قصة ابراهيم عليه السلام تجد الامتثال والطاعة المطلقة لله والصبر على قضاءه وقدره والوقوف بوجه الشيطان كل هذا جعل نبي الله عليه السلام يستحق  منزلة الامامة بعد كل هذه الابتلاءات   قال تعالى ( واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) لقد اقتضت الارادة الالهية ان يُفتدى اسماعيل عليه السلام بكبش وان لا يراه اباه مذبوحا بيده وامره ببناء الكعبة  وجعلها مكانا للافئدة الباحثة عن الطهر وعن الطاعة  فالارض التي اُمتثل فيها لله بهذا المستوى استحقت هذا الشرف على مدى دهور طويلة فما بالكم بكربلاء المقدسة والتي كافئت قصة ابراهيم عليه السلام في الامتثال لله عز وجل والصبر على بلائه وطرد الشيطان من ساحة الحسين ع  ولكنها زادت على تلك القصة بان سالت دمائهم الزكية على تلك التربة في سبيل الله وحصل مالا يتحمله قلب  من تقطيع لاوصال اولاد الانبياء  وهتك حرمات وحز رؤوس وقتل اطفال وسبي نساء والكثير مما يوجع القلب أوبعد كل ذلك نستكثر على كربلاء مكانتها ؟!!!!.

لقد انتهت قصة ابراهيم عليه السلام نهاية  مفرحة بارتواء اسماعيل  بعد العطش واستقرار هاجر بعد خوف  ورجوع الابن الى حضن ابيه  واقامة بيت الله الحرام للعبادة ولاستذكار تلك القصة في جميع تفاصيلها من رمي الجمرات والطواف والسعي بين الصفا والمروة  على مدى قرون لحفظ  ان من امتثل لله مخلصا له هذا الجزاء وهذا الخلود السرمدي  فلبست مكة المكرمة ثيابها البيضاء الناصعة منذ ذلك الوقت وصارت القبلة والحبيبة والثغر الباسم للمسلمين  وأما كربلاء فاه من كربلاء  فلقد انتهت القصة بذبح ولد ابراهيم الخليل مع عائلته واصحابه بابشع صورة فلا طفل ارتوى ولا شيخ ولا استقرار لنساء بعد خوف ولم يبقى احد من الكواكب المنيرة الا كوكب ذخره الله لنا برحمته  ولم يرجع الطفل الى حضن ابيه الا بعد اخترق السهم عنقه ظامئا ليستقر فوق قلب ابيه الذي تقطع اربا بسهام  الاعداء فتعانقت الجثامين الطاهرة بدمائها وبلا روؤس لقد دفن الحسين بهذه الصورة مع اولاده لحفظ ما حفظه جده ابراهيم وجده محمد صلوات الله عليه لحفظ دين ومبدأ وليعلم الناس معنى الامتثال لامر الحبيب بقوله (  رضا الله رضانا اهل البيت ) فلقد ارتضى ما رضيه الله له رغم كونه مؤلما ً  أبعد كل ذلك نستصعب الاجابة  فالمعطيات التي لاجلها حصلت مكة المكرمة على هذه المرتبة فاقتها كربلاء بكثير وهما بذات الدرب فاستحقت مكانة تعلو بقاع الارض قاطبة  ولكنها لبست الثوب الاسود وصارت قبلة الاحزان والعين الباكية  للمسلمين فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .

في قلبي يا مكة المكرمة يا صاحبة الرداء الابيض الناصح  ياقبلة المسلمين ومنبع التوحيد وفي قلبي يا صاحبة الرداء الاسود يا كربلاء المقدسة يا قبلة الاحرار ومنبع الاصرار  , فيا فخرنا ويا عزنا بكما واكرر اعتذاري لصاحبة الرداء الابيض فالاشارة لم تكن لتقليل شأن حباك الله به وملىء قلوبنا به شوقا لك ولكن اشارة لمن يخترق سهم الشك بقدر كربلاء وزيارة الامام الحسين ع واقامة الشعائر الحسينية على اختلافها فما زال القلب مخلصا لال البيت فهو حر التعبير ولا يُخشى منه الا صدور الخير فالحسين ع هو مقصده ونسال الله ان يرمي قلوبنا بسهام التوفيق للسير في دربه وان يزين ما يحبه في اعيننا ولمن  يستغرب ان كافئت زيارة الحسين عشرين ومئة والف حجة وعمرة  نقول ان ما  جرى عليها  يجعلها تستحق فهي ما زالت تقدم التضحيات فها هي السيدة زينب عليها السلام تعيش غربة فأين المواكب الحسينية واين اصوات الشبان واين المجالس , زينب وحيدة يا مسلمين , فمتى يستقر قلبها متى ؟ متى تشهر سيفك لتأخذ بثأرهم يا ثار الله . محرم هذا العام زاد اساه بمصاب زينب عليها السلام الجديد ووحدتها في هذا العام فزادت كفة كربلاء التي لا زالت تضحي شخوصها لهذا اليوم  فمعذرة يا جبل الصبر معذرة لتلك الشوارع الخالية  ومعذرة عن كل وعد   بان لا نترككم وان تركتك الابدان فلقلوب ارتبطت في فناءك سيدتي  . 

وفي النهاية لسنا من نفضل بل ان الله عز وجل هو من فضل كربلاء على بقاع الارض وفضل ال محمد على باقي الخلائق

نسأل الله العلي القدير ان يقوي ايماننا وان يجعلنا من العارفين بحقهم ويزيد من معرفتنا بهم يوما بعد يوم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغر الميامين وسلم تسليما ً كثيرا ً .  

 

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
صالح المحنه
2012-11-22
احسنت بارك الله فيك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك