لم يكن مصطلحي التطرف والإعتدال معروفين في الأدبيات السياسية والإعلامية بالزخم الذي يتم تداولهما فيه في هذه الأوان، ومنذ أن تبدلت سياسة الغرب من الشكل الإستعماري المباشر الى الشكل الهيمني الراهن، صار الحديث عن هذين المصطلحين ملحا ومكررا بشكل تحولا فيه الى ايقونة ملازمة لكل وسيلة إعلام غربية أو ليبرالية..وعادة يتم تداول هذين المصطلحين عندما يتعلق الأمر بالإسلام فقط!
ومع أن التطرف نتاج جملة عوامل معظمها بسبب الأستراتيجية الغربية، إلا أن إلقاء التطرف على عاتق الإسلام وحده أمر يكشف عن نيات مبيتة يتعين الوقوف عندها ودراسة تبعاتها. فالتطرف موجود في كل مكان من الكرة الأرضية، وثمة متطرفين أينما تذهب، وفي الأخبار اليوم أن الأعمال المعادية للمسلمين في فرنسا تتزايد بنسبة 42% عن العام الفائت، وهذا يحدث في بلد الديمقراطية الأول في العالم، فما بالك بالتطرف البوذي ومأساة مسلمي آركون في بورما ، وفي عاشوراء من كل عام تقريبا يتعرض المسلمين الشيعة الى إعتداءات وحشية من قبل الهندوس في شبه القارة الهندية، وفي نيجيريا ثمة مجابهة بين المسيحيين والمسلمين الذين يرفضون التبشير الذي يقوم به المسيحيين هناك..وأوضح مثال هو ما تقوم به العصابات اليهودية من قتل وتنكيل وإفناء للشعب الفلسطيني المسلم منذ قرابة ثمانين عاما لم يتوقف القتل فيها حتى لحظة كتابة نهاية هذه الجملة..ويندرج في توصيف التطرف ما تعرض له شعبنا العراقي المسلم على يد القوات الأمريكية المتحضرة من عمليات فاقت بوحشيتها كل أنواع التطرف..
الإسلام دين يرفض هيمنة الآخرين على الشعوب ومنها الشعوب المسلمة، وهو منطق حضاري، فليس لأحد حق الهيمنة على الشعوب، ولأن الأمر كذلك، فلابد أن تقوم قوى الهيمنة الغربية الأستكبارية بتشويه صورة المسلم والإسلام توطئة لأستئصاله، وحدث هذا باضطراد ورافقته دعاية صاخبة عن التطرف الإسلامي..ولا حديث عن التطرف في الرصيف المقابل..!
مصطلحي التطرف والإعتدال باتا من الشيوع الى حد تحولا فيه الى خبز الصحافة والإعلام اليومي، ووضعت في خدمة هذين المصطلحين إمبراطوريات إعلامية ومراكز أبحاث كبرى، ولا يخلو يوم من مؤتمر أو حلقة نقاشية عن التطرف الإسلامي.
المسلم اليوم متطرف ما لم يثبت العكس، والمسلم أذا واضب على العبادات في مسجد حيه فهو متطرف، وأذا كان من مصلي الفجر فهو متهم بالإرهاب، وأذا كانت لديه لحية فلإن جواز سفره يدقق في المطارات من قبل جهات غير تلك التي تدقق جوازات الآخرين...أما إذا تمسك بعلاقة روحية مع أهل بيت نبي الإسلام صلوات الله عليهم أجمعين، فهو شخص يتعين مراقبته وملاحقته لأنه خطر يخبيء بين طيات كتابي مفاتح الجنان والصحيفة السجادية صاروخ "فجر5" ساخت إيران...!
كلام قبل السلام: العقل النظيف هو القادر على احترام فكر الآخر حتى ولو لم يؤمن به ..
سلام....
https://telegram.me/buratha