لطيف عبد سالم العكيلي
منذ سنوات عدة يعاني العراق من مشكلة التصحر وتفاقم سلبية اثارها الانعكاسية على واقع البلاد الاجتماعي والاقتصادي والصحي والبيئي ،ومن جملة تداعيات هذه الظاهرة العواصف الغبارية القادمة من جنوبي وجنوبي غربي شبه الجزيرة العربية التي كثيرا ما كانت سببا في حدوث حالات اختناق لدى المواطنين وخاصة الأشخاص الذين يعانون من مرض ( الربو ) على خلفية اسوا موجة جفاف شهدتها البلاد في السنوات الاخيرة ،وبخاصة عام 2007 وما تلاه من اعوام بسبب انحسار الامطار واستخدام المياه المفرط لأغراض الارواء ومجموعة النشاطات التي افضت الى ازالة مساحات واسعة من الغطاء النباتي ،اضافة الى تدني معدلات اطلاقات المياه في المجاري المائية العراقية ،ولاسيما دجلة والفرات اللذين يعانيان أصلاً من انخفاض حصصهما في العراق بنسبة بلغت بحسب المختصين في الشأن المائي الثلثين طوال أعوام الـعقدين الماضيين ،ما يستلزم من وزارات الموارد المائية والزراعة والبيئة وغيرها من الجهات صاحبة الشأن الحكومية وغير الحكومية على حد سواء توجهاً حقيقيا لدراسة حيثيات هذه الظاهرة التي ما تزال تشكل تهديدا للواقع الزراعي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد ،بغية التعرف على حقيقة مسبباتها ،اضافة الى البحث في كل ما يسهم من العوامل الموضوعية بزيادة آثارها من اجل الوصول الى معالجات محكمة تبعد البلاد عن تفاقم عوامل تصدع امنه الغذائي وتساعد على تحسين بيئته وتنمية انتاجية مختلف قطاعاته التي ينبغي توجيه اداءها لتدعيم الاقتصاد الوطني .ولعل من ابرز المهام التي تتطلبها مواجهة هذا التحدي هو العمل بجدية لإنهاء موضوع المياه المشتركة مع بلدان الجوار على وفق معاهدات تضمن حصول العراق على حصته العادلة من المياه لغرض تامين احتياجاته وتهيئة متطلبات برامجه التنموية .وينضاف الى ذلك ضرورة اعتماد الجهات المعنية بشأن مكافحة التصحر على استراتيجيات تحقق الاستفادة من الخبرات الأجنبية في مواجهة هذه الظاهرة ،والعمل على تضمين اتفاقيات التعاون التي يجري توقيعها مع مختلف بلدان العالم ملاحق تتعلق بتنشيط التعاون البيئي وتبادل الخبرات بشان مكافحة التصحر بما يحقق المعاونة في التخفيف من حدة العواصف الرملية من خلال استخدام انسب الاليات التي تساعد في تثبيت الرمال ،فضلا عن تدريب الكوادر العراقية على احدث التقنيات في مجال معالجة التصحر ومحاولة الحصول على الأجهزة والمعدات والمواد التي تستلزمها فعالية تثبيت الرمال ،بوصفها جزء من المشروعات التي تستهدف تقليص مساحات الاراضي التي تتعرض لزحف الكثبان الرملية .وبصورة عامة يمكن القول أن التراجع الكبير في مساحة المناطق الخضراء في بمختلف مدن البلاد يفرض على القيادات الادارية توجيه الجهات الحكومية المختصة بالشأن البيئي العمل على زيادة مساحات المناطق التي يجري شمولها بزراعة الأشجار والشجيرات والشتلات ،فضلا عن التخطيط لإنشاء الاحزمة الخضراء حول حدود المدن ،بوصفها اسيجة طبيعية بمقدورها الحد من تأثير العواصف الغبارية عليها أو التقليل من نسبة الغبار المتسرب إليها .في امان الله اغاتي .• المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .
https://telegram.me/buratha