حيدر عباس النداوي
احتفلت معظم دول العالم "باستثناء الدول الاشتراكية" قبل يومين بيوم الطفولة العالمي ،وهذا اليوم عرف جرت العادة فيه على تكريم الطفل والاحتفاء به بوصفه يوماً للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال خاصة اولئك الذين تعرضوا لليتم بسبب الحروب والنزاعات والكوارث وكذلك الاطفال الذين يعانون من الاهمال وسوء التغذية والعنف الاسري في المجتمعات الفقيرة ،الا ان الواقع ياشر عكس هذا المفهوم لان من يقوم بالاحتفال والاهتمام وتقديم الدعم ليست الدول المعنية بهذا الوضع انما الدول المتقدمة والمتنعمة والتي لا يعاني فيها الاطفال من اليتم او الاهمال او الجفاف او سوء التغذية وهي مفارقة عجيبة.وذا اردنا الحديث عن الطفولة واليتم والحرمان فلن نجد له مصداقا اكثر مما هو في العراق.. فمن الناحية الواقعية يعتبر اطفال العراق من اكثر اطفال العالم حرمانا وبؤسا بسبب السياسات الهوجاء والحروب والارهاب ،فعلى مدى السنوات التي سبقت حكم نظام البعث لم تعرف طفولة العراق معنى ان يعيش الطفل حياته برخاء وازدهار بسبب تردي الواقع المعاشي وقلة الدعم وانتشار الامية الا ان الجنبة الافضل في هذه الفترة هي قلة الايتام لان الانظمة الحاكمة في تلك الحقب لم تكن تفكر بالحروب والغزو والقتال والاناشيد الحماسية الا ان الامر انقلب راسا على عقب بعد تسنم البعث مقاليد الحكم وخاصة فترة المقبور الطاغية صدام التي قضائها بالحروب والمقابر الجماعية ترتب على اثرها ان انتكست حالة الطفولة في العراق وبدأت افواج الايتام والارامل تاخذ المساحات الاكبر في حجم شرائح المجتمع دون ان يكون لهذه الشرائح اي اهتمام او دعم ساعد على زيادتها الاعدامات والاعتقالات والهروب والنزوح الفردي والجماعي ولما لم ينتهي اطفال العراق من حروب صدام ضربهم الارهاب بمقتل بعد عام 2003 وسقوط صنم بغداد وقد تسبب الارهاب مع ما تركه صدام من ارث قذر ان احتل العراق المرتبة الاولى في الوطن العربي المتخلف في عدد الايتام بعد ان تخطى الرقم الخمسة ملايين طفل وشكلوا ما نسبته (16%) من اجمالي الشعب العراقي وهي نسبة كبيرة ومؤثرة ومرعبة ولا يوجد لها اي اهتمام او دعم.وبسبب غياب الدعم والرعاية الحكومية للطفولة في العراق وعدم وجود الخطط الاستراتيجية او الرغبة في التاسيس لمجتمع ناهض واعي ينتشل الطفولة وخاصة الايتام وذوي الاحتياجات الخاصة من الواقع المتردي جاءت مبادرة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم لرعاية الطفولة كطوق نجاة اذا ما تم تنفيذها بمحاورها السبعة وصندوق ائتمانها القائم على استقطاع ما نسبته 1.5 من موازنة العراق توضع في صندوق لرعاية الطفولة مع وضع اولويات للاطفال الايتام من خلال منح القروض والمساعدات.ان مبادرة السيد الحكيم اذا ما تم تفعيلها فانها تمثل الانطلاقة الحقيقية لرعاية الطفولة والاهتمام بها خاصة الايتام اما اذا وقفت المزايدات والمحاصصة حجر عثرة بوجه هذه المبادرة فعلى الطفولة ان تنظر سنوات اخرى لعل يوما تشرق فيه شمس الرحمة والعطف على الاطفال والايتام.
https://telegram.me/buratha