بقلم :جعفر العلوي
المتتبع للتاريخ الإسلامي عبر مر العقود يراه لم يبرح نمطية المدافع ضد الهجمات التي شنت عليه من مختلف الأيدلوجيات والأفكار المنحرفة وبعد مرور كل تلك السنين آن لنا أن نرتقِ في الطرح بخط منهج جديد والتهيؤ النفسي والفكري باستباق المبادرة بالأسلوب التوعوي .
وفي نقطة معينه هدفت إلى تحويل المسار التاريخي والفكري والعقائدي مروراً بالتطور الإنساني على جميع الأصعدة,والملفت للنظر وبتمعن للنهضة الحسينية لوجدنا فيها أعمق مصداق للأسلوب التوعوي بالرغم من قرب تواصلها بفترة الرسالة حيث لم يفصلها أكثر من 61 سنة عن تأسيس الدولة الإسلامية المحمدية ألحقه .
والثورة الحسينية لم تأتي عن عبث أو سابق تخطيط فلو فرضنا جدلاً عدم وجود تلك الروايات الواردة عن الرسول (ص) والعترة الطاهرة لوجدنا بتحرك الإمام (ع) من خلال رفضه البقاء بالمدينة ورفضه أن تكون الكعبة المشرفة ساحة للقتال وإراقة الدماء فآثر التحرك والمباشرة بثورة الفكر والتحليل العقائدي والنفسي يسانده بذلك ثلة من أصحابه الذين لم يكن لأغلبهم تهيئ لهكذا لقاء في الهجوم على الباطل والعادات المنحرفة وكل ما من شأنه إخراج االاسلام من خطه المرسوم له مسبقاً على يد الرسول الأكرم محمد (ص).
ومن هنا أعرج إلى ليلة العاشر من محرم حيث المكان ارض كرب وبلاء والزمان بعد صلاة العشاء حيث أسدل الليل ستوره وعمت الظلمة على أعين الناضرين دون القلوب وقف الحسين (ع) في تلك الليلة مخاطباً أصحابه وملقياً عليهم الحجة ليكون في حل من أي موقف رافض لتلك الثورة الخالدة وتصفيتها من كل عناصر الشك والريبة لتكون بالفعل ثورة الحق كله ضد الباطل كله .
وقف الإمام (ع) وقال لأصحابه "هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا"فأنتم في حل مني والقوم يطلبوني ولو ضفروا بي لانشغلوا عمن سواي .
موقف غاية الروعة وصورة يعجز العقل عن تصور ما تحويه من معانٍ وأهداف خالصة لله (عز وجل) فقد حرص الإمام عليه السلام أن يكون كل فرد من أصحابه وأهل بيته على علم ويقين مطلق لا يساوره أدنى شك في عدالة قضيته مقابل الطرف الأخر المستهتر بالدين والمعتقد.من هنا كان اختيار يوم تاسوعاء كمفترق طرق بين الحق والباطل وما يحمله من ارث خالد إلى يومنا هذا فقد نجح أصحاب الحسين(ع) في الاختبار وأثروا الحياة الأبدية ورسم مجريات التاريخ من خلال الثبات على المبدأ ورسوخ العقيدة.وها نحن اليوم إذ نحتفي بذلك اليوم العظيم من تاريخنا الإسلامي وانتصار الدم على السيف وعلو شأن كلمة "لا اله إلا الله" على مر العصور وجب علينا في تلك الذكرى استلهام كل مظاهر القوة والإباء وصدق النوايا ووضوح الرؤية المنهجية للهدف الأسمى من القيام بالثورة.وان نعكسها بمرآة الحاضر للإفادة منها في وضع المنهجية والية بناء الدولة على أسس رصينة لا يشوبها الخلاف والاختلاف فمن يدعي انه ما زال على عهد مع مبادئ الحسين (ع) وجب عليه أن يقف بقوة العقيدة التي كان عليها الأصحاب وان يشد بعضنا أزر بعض في بناء دولة العدل الإلهي والمساواة لجميع أبناء الوطن الواحد.ونحن إن نجدد وقفة الحزن على الفاجعة واستذكار مفاخر التضحية والبطولة لتلك الشخصية العظيمة , مستلهمين من ثورة الحسين بن علي (ع) السلام كل تلك المواقف والبطولات لتأريخ دولة المستقبل ورفاهية المجتمع الإنساني.
https://telegram.me/buratha