خضير العواد
بعد أن توفى رسول الله (ص) وأنحرف المسلمون عن طريق الإسلام الحق وقاد الأمة من هو ليس أهل لهذه القيادة ، وبسبب الأعمال التي عملها هولاء القادة من أجل تثبيت ملكهم وسلطانهم كمعاقبة كل من يتحدث بالسنة النبوية أو رفض أفعالهم التي تخالف تعاليم الإسلام ، وقد أستمرت الإمة في هذه الظروف لعشرات السنين حتى كبر الصغير وشاب عليها الكبير ، فقد ظهرت أجيال تعتبر المخالف للإسلام سنة نبوية والسنة الحقيقية أصبحت بدعة يعاقب من يعمل أو يتحدث بها ، كزواج المتعة أو الزواج المؤقت السنة النبوية الصحيحة والمدعومة بالأيات القرأنية أصبحت بدعة ويرجم من يفعلها ويُرفض من ينقل أحاديثها وكذلك سب الإمام علي (ع) الذي أصبح سنة معتبرة عند بني أمية لعشرات السنين ويتقرب المسلم الى الله ؟؟؟ بعد كل صلاة بسب أبي تراب والثابت عن رسول الله (ص) (من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ، ومن سب الله وسب نبيه فقد كفر ويجب قتله) أي بسب الإمام علي (ع) فقد خرجت الأمة من دائرة الإسلام التي تدور حول نبوة النبي محمد (ص) ، وبذلك فألأمة قد أبتعدت عن تعاليم الدين وأقتربت من تعاليم وعاظ السلاطين التي تتمحور حول مصلحة السلطان وما يحتاجه حكمه ، فكثرت البدع وأنتشرت الإنحرافات وعادت التقاليد الجاهلية والنزعات القبلية حتى قرب الإسلام من الإضمحلال والإندراس ، ولخطورة الأمر وعظمته ثارَ الإسلام المحمدي المتمثل بالإمام الحسين (ع) على هذا الواقع المرير ليهز هذه الأمة ويوقظها من غفوتها وسباتها ، فخرج الإمام الحسين (ع) بكل ما يملك في هذه الحياة ولم يترك خلفه إلا من عذره الله سبحانه وتعالى عن القيام كأخيه محمد بن الحنفية (رض) وكذلك إبن عمه وزوج أخته زينب (ع) عبد الله بن جعفر (رض) ، ولكنه أخذ معه كل فئات المجتمع من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والرجال ولم يترك فئة معينة إلا وجعل لها نصيب في واقعة كربلاء المخلدة ، كأنه يقول كل الأعمار بأمكانها أن تخدم قضاياها المصيرية فكان عبد الله الرضيع (ع) وعبد الله بن الإمام الحسن (ع) وأخيه القاسم (ع) وكذلك علي الأكبر(ع) والعباس (ع) وحبيب بن مظاهر الاسدي (ع) وكان العبد جون (ع) وكذلك أم وهب (ع) ، فأشترك الجميع تحت قيادة سيد شباب أهل الجنة (ع) في خلق الزلزال الكاسح الذي هز هذه الأمة وجعلها تستيقظ فزعة مرتبكة من نومها العميق ، وبقية كلمات أبا عبد الله (ع) كالرياح العاصفة التي تحطم كل عروش الظلمة والطغات ، وكانت مواقف أبطال كربلاء وأخلاقهم قد رسمت الطريق الحقيقي لكل الأحرار في العالم ، فقد تجلت المواقف المشرفة التي يفتخر بها كل إنسان حر كمواقف الأنصار وفدائهم لأبي عبد الله (ع) على الرغم من علمهم بأن نتيجتهم الشهادة لا محال وهكذا قد أثبتوا أن الحياة الحقيقية هي القيام بالمواقف النبيلة ،وكذلك مواقف بني هاشم الذين لم يتركوا إمامهم وزعيمهم وحيدا في رمضاء كربلاء بل ركضوا مسرعين يحثون الخطى على الشهادة واحداً بعد أخر ، أما العباس (ع) فكان أمة في رجل وتاريخ في لحظات وتكامل في الصفات فقد حفرة في أرض كربلاء قصص لن يمحوها كل الطغات ولو أجتمعوا فكان القائد والأخ والخادم والمنقذ والمحامي والوفي حتى لقب بأبي الفضل ، ولم يترك سيد الشهداء (ع) أي فرصة للباطل بأن ينتصرفبعد تضحيته العظيمة التي لا يعرف قدرها إلا المعصوم عليه السلام فهو الذي واجهة جيوش بني أمية وحيداً بعد أستشهاد جميع أصحابه وأهل بيته وجعل جمعهم يتشرذم ويفر كفرار الطيورعندما ينقض عليها الصقر الجائع وهو يبكي على هذه الجموع التي ستدخل جهنم بسبب مقاتلته ولكن الحر الشديد والعطش القاتل والجراح الكثيرة هي التي جعلت المولى أبا عبد الله (ع) يستسلم للموت ، وقد أكمل هذه الثورة وجعلها تمتد لكل شارع من شوارع المسلمين بكلمات الإمام السجاد (ع) وعقيلة بني هاشم (ع) التي أستلمت الدور المهم في الوقوف ضد سلطان بني أمية بسبب الخوف على حياة الإمام زين العابدين (ع) فقد أفزعت هذه الطاهرة النقية بني أمية وعبيدهم من الأذلال الخانعين ، فقد نقلت هذه اللبوة الحيدرية الشجاعة تفاصيل الجريمة الى كل أذن فهزت الضمائر وشحنت القلوب فدفعتها دفعاً للثورة والتصدي لكل إنحرافات بني أمية فتساقطت العروش وتهاوت العقول الجاهلية وقوى طريق الحق وأصبح أكثر وضوحاً وتجلياً حتى وصلنا الإسلام المحمدي بسبب تلك الثورة العظيمة التي نعيش مأساتها كل عام في يوم العاشر من محرم الحرام فحقاً لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ولا أرضاً كأرض كربلاء.
https://telegram.me/buratha