علي العطواني
التاسع من محرم الحرام او كما يحلو لنا ان نضيف له ونلحقه بـ آه اللوعة والحزن لندعيه تاسوعاه يوما يعد نقطة الفصل ومفترق الطرق بين ان تبقى محمديا علويا حسينيا ثائرا فدائيا محبا لدينك وبين ان تكون دنيويا ذليلا خاسئا خانعا مستسلما لهوى النفس ورغباتها المتقلبة، بين ان تسلك طريق الحق وتدفع ثمنه الذي ربما يكون دمك ،روحك ،اهلك،مالك وثروتك وكل غالي ونفيس أخر او تكسب حطام الدنيا وتخرج فائزا به مقابل خسران مبين موسوما بالعار والذل والخنوع.من قرر البقاء مع الحسين في هذا اليوم كسب العزة والرفعة والكرامة والشهادة والجنان ومن اختار ان يكون في معسكر اعدائه لصق به العار والذل والهوان والنار ولم يكسب حتى الدنيا التي باع دينه ثمنا لها.يقينا لم يكن الخيار سهلا عندما طلب الإمام الحسين من أصحابه في ذلك اليوم ان يتخذوا الليل ستارا ليربحوا حياتهم لان القوم الذين احتشدوا في المعسكر المقابل كانوا يطلبون رأسه الشريف دونا عن بقية الرؤوس وربما يتعدى الطلب أهل بيته وليس سواهم ولم يكن ذلك الطلب موضوعا لاختبار أصحابه الذين اختارو نصرة الدين بنصرته بالتضحية والفداء وتركوا من اجله حب الدنيا كان اختيارا بين الخلود الأبدي وبين التلاشي الزمني بين العز والذل بين الكرامة والخنوع بين ان تسير الى الله وبين ان تسير مبتعدا عنه بين ان تتنعم برحمته وبين ان تخلد في عذابه.قرار الحسين واهل بيته وأصحابه كان حاسما لا يقبل التردد او التأخير في إحياء الدين بدماء زكية غالية وتضحيات جسام وإيثار وملحمة لم تزل تسعر جمرتها تحمل في مطويتها كل معاني النصر والإقدام والشجاعة والفداء والبطولة والإيثار والأخلاق الرفيعة والعاطفة الجياشة والألم والحزن والمأساة مازالت أقلام الأدباء والكتاب والشعراء تتغنى بسردها دونما الوصول الى واقعية ما حدث بها وهو سر خلودها في كل سنة بل في كل يوم وعلى مدى اكثر من 1400 عام تذكر واقعة الطف الأليمة ولا يمكن لسامعها الا البكاء والخشوع امام عظمة الرزية وهول المصيبة ومقدار التضحية في تلك الملحمة رغم انه سمعها مرارا وتكرارا.لم تكن تلك الدماء الزكية التي سالت فوق غبراء كربلاء يوم العاشر من محرم الحرام مجرد دما نزل من جسد انسان عظيم معصوم من سلالة الانبياء فقد سال قبله دم ابيه امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام) بمكان لا يبعد الا اميال قليلة عن تلك البقعة التي شهدت تلك الواقعة وسالت قبله دماء اخيه وامه في مدينة الرسول ولكن ذلك الدم كان عنوان ولادة لا وفاة وعنوان حياة لا ممات وعنوان انتصار لا انهزام .دماء الحسين التي نزفت فوق ارض العراق كانت النهر الذي سقى الدين ليتوهج من جديد بعد ان كان قد بدأ مرحلة الخبوء والانكفاء وجعلته يستقيم من جديد بعد ان كان قد اعوج ومال بعيدا عن ما اتى به رسول الرحمة محمد ابن عبد الله صلى الله عليه واله.ملحمة كربلاء لم تكن مجرد معركة دارت بين معسكرين غير متكافئين في العدة والعدد بل كانت نصرا مدويا حققه الحق ضد دولة الظلم والعنجهية والفسوق وفضيحة فضحت من كان يوهم بعض السذج في انه اميرا للمؤمنين ويخفي عنهم كل دسائسه ومؤامراته ضد الدين والاسلام.هكذا تحدد في غضون يوم واحد قرار الحق ونصرة الدين مثلما كان ذلك اليوم مفترق الطرق بين طريق الحق الذي سلكه القلة وطريق الباطل الذي سار به الكثير ولازال هذان الطريقان مرسومان الى اليوم ولازال طريق الحق موحشا لقلة سالكيه.
https://telegram.me/buratha