عباس المرياني
تبذل الدول التي تطمح لتحقيق الارقام القياسية في السباقات الرياضية جهودا وأوقاتا مضنية وتدفع أموالا كثيرة وتجند لهذه المهمة المدربين المحترفين والمسعفين والمعالجين والاخصائين في مجالات التغذية وعلم النفس وتجيش الصحافة والاعلام لرفع المعنويات وشحذ الهمم وتبني المنشآت الرياضية والفنادق وحمامات الساونا ومضامير السباق بالاضافة الى الدخول في معسكرات تدريبية مغلقة ومفتوحة من اجل اكتساب الخبرة ورفع الجاهزية وفي المحصلة النهائية قد يفوز وقد يخسر الفريق او البلد المعني دون ان يحصل على مايريد وبالتالي تذهب الاموال التي انفقت والوقت الذي استزف دون فائدة تذكر وتبدأ دورة التحدي من جديد علها تحقق المراد وتسجل اسمها في موسوعة غينس للارقام القياسية،وهذا التحدي والاصرار هو السمة والامر المنطقي الذي تتعامل معه وقائع التنافس مع ما يتم بذله دون تردد او منة من الدولة لانها تعتقد ان الانجاز لا يتحقق دون مقدمات ودون بذل وعطاء.ولهذا فان ما يحدث في كربلاء المقدسة من اعجاز يفوق الخيال لم ياتي من فراغ او دون بذل وتضحية بل انه جاء متوافقا مع التضحيات الكبيرة التي بذلها الامام الحسين (ع) واهل بيته وصحبه الكرام في يوم عاشوراء عندما سجلوا ملحمة الخلود الانساني والعشق الالهي وبذلوا المهج والنفوس وضحوا بالولد والعيال من اجل ان ترتفع راية الاسلام المحمدي الاصيل ومن اجل ان نتعلم كيف نعيش احرارا ونرفض الظلم والاضطهاد.ويمكن اعتبار ركضة طويريج التي تقام ظهيرة العاشر من محرم الحرام وتحديدا بعد صلاة الظهر واحدة من اهم المعاجز ان لم تكن اكبرها على مستوى العالم اجمع لعدة اسباب اهمها ان هذا التجمع المليوني يعد التجمع العفوي الاكبر على مستوى العالم والذي لم تدعوا له الدولة او مؤسسة او شخصية مؤثرة كما ان هذا التجمع سواء كان جمعي او اشخاص فرادى لم يفكروا ان يحصلوا على جائزة مادية او وسام او كاس اضافة الى ان جميع من حضر هذا التجمع يعتبر نفسه فائزا مع ما يبذله من مال وجهد وعرق دون ان ينتظر تعويض يعادل ما انفقه كما ان هؤلاء لم يفكروا يوما ان يدخلوا في معسكرات تدريبية او يطالبوا بسكن مريح وعصري بل ان جل هؤلاء يفترشون الارض ويلتحفون السماء رغم برودة الجو وهطول الامطار وعن طيب خاطر،ومع ان هذا الإعداد في الحسابات الرياضية لا يمكن ان يحقق اي انجاز الا ان ركضة طويريج تعتبر اعجازا وليس انجازا وان تحطيمها للارقام القياسية وتسجيلها في موسوعة غينس امر طبيعي جدا.يبقى ان نعرف ان ما اقدم عليه الامام الحسين عليه السلام واهل بيته من عطاء وتضحيات يوم عاشوراء وقبل اكثر من (1350) سنة يفوق كل ما يمكن ان تبذله الدول من جوانب مادية ومعنوية لان عطاء الحسين واهل بيته ابدي وخالص لوجه الله ولان التضحية بالنفس اقصى غاية العطاء والجود لذا فان الاعجاز كان بمستوى التضحية والعطاء وهذا التقييم يتناسب مع منطق العدالة الالاهية.اقترح على الجهات ذات العلاقة ان يتم العمل على تسجيل ركضة طويريج في موسوعة غينس للارقام القياسية لان هذا التسجيل ينطوي على فوائد كثيرة ،كما انه انجاز حقيقي ولا يتعارض مع القوانين المرعية في تسجيل الارقام ضمن هذه الموسوعة العالمية والشيء الاهم من هذا هو ان هذه الركضة لا يمكن تحطيمها لانها في زيادة كل عاشوراء.
https://telegram.me/buratha