المقالات

الشعائر الحسينية .. الجامعات طلابها واسوارها !!

533 14:24:00 2012-11-27

سعيد البدري

يبدو ان النقد الذي يكيله البعض ناتج عن عقد مستحكمة لايمكن معها اقناعهم بضرورة ان يوجه الى محاربة فكرة متطرفة او بدعة مضرة لا ان تصيب سهامه وعي الناس وفهمهم الواقعي وقد يكون هذا النقاش عقيما لو كان الطرف الاخر جاهلا مثلا وليس لديه التصور التام عن الحقيقة ومعطياتها اما ان يكون الناقد شخصا محترما يعتقد ان في حديثه وكتاباته رسالة بحد ذاتها تحتاج الى التامل والمناقشة ومن ثم التصحيح فالامر مختلف كليا

ومن جملة هولاء الناقدين الذين يحترم رأيهم وتخصصهم الكاتب العراقي رشيد الخيون وما لهذا الاسم من تاريخ ومعرفة وادراك ومؤلفاته ومقالاته في اغلبها ممتلئة بالمعلومة والرؤية الصائبة والتشخيص الدقيق لكن ماقد يفوت الاستاذ الخيون احيانا وهو يتحدث عن الجانب الشعائري في القضية الحسينية لدى الشيعة تحديدا هو القراءة الموضوعية الكاملة لتأريخها والنصوص الغنية الموثوقة التي وصلتنا عن ائمة اهل البيت عليهم السلام فلا البويهيون والصفويون ولا حزب الدعوة والشيعة المعاصرين هم من اوجد وابتدع هذه الممارسات الشعائرية ولا غيرهم من السلاطين والحكام فالطعن بتاريخها ونشاتها يجب ان يكون مبنيا على دليل اعمق واقرب للواقع

فعلى سبيل المثال ان قرأة المراثي والشعر الحزين على فاجعة كربلاء واقامة مجالس العزاء والحديث عن مصيبة الحسين قد وردت فيها نصوص وطبقت على يد الائمة عليهم السلام بالاخص في المرحلة التي تلت استشهاد الامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام وحتى قبل سقوط حكومة بني امية اما مشاهد التمثيل التي تعرف بالتشابيه فلها وجودها الواقعي وظهرت بشكل جلي وواضح في زمن الامام الرضا عليه السلام فيما كانت مسيرات الرجال اللاطمين على الصدور مالوفة وكذا النساء المعزيات من دار الى دار في احياء الكوفة وازقتها وهذه امور لاتحتاج الى الكثير من العناء لاثباتها تاريخيا وكل ذلك في عصر الائمة الاطهار عليه السلام .

والاولى ان كان هناك اعتراض منهم سلام عليهم على هذه الممارسات هو منعها او محاربتها كما فعلوا في بيان مسألة الصوم في يوم عاشوراء ونيته والاحاديث المكذوبة التي دسها وعاظ بني امية بانه يوم فرح وسرور لانه اليوم الذي استوت فيه سفينة النبي نوح على الجودي او فلق البحر للنبي موسى ونجاة بني اسرائيل من فرعون وقذف نبي الله يونس من جوف الحوت وغيرها من اكاذيب . نعم ان لهذه الشعائر اصل لم يستطع ازلام السلطة في كل الازمنة النيل منه والتشكيك به ولعل الاستاذ الخيون اراد ان يقول وهذا رأي قد يكون محل نقاش من ان هذه المظاهر والشعائر اصبحت تمارس من قبل الحكومات البويهية والصفوية وتعمم ليمارسها رعاياها طمعا وكرها وتزلفا وهذا تفسير مقبول نوعا ما لكنه لاينفي اصالتها وارتباطها بمدرسة اهل البيت عليهم السلام وعلى اعلى المستويات في وقت كانت ولازالت هذه المدرسة تحتاج اثبات الوجود ونشر الحقيقة .

الامر الثاني الذي اود ايضاحه ايضا ان الطرق المعقولة لذكر المصيبة من قبل الفرق الاسلامية وعلمائها في نظر الاستاذ الخيون تحتاج الى وقفة فالمسلمون جميعا باعتبارهم مرتبطين بالرسالة الاسلامية ومثلها الاعلى النبي الاكرم صلى الله عليه واله لابد ان يقفوا مع الحق والحقيقة ولانهم جمهور واسع ينتمي لمدارس فقهية متعددة تتفق على مضمون الرسالة وتختلف في تفسيرها لبعض جزئيات هذا المضمون فهم غير معنين باحياء المناسبة وذكر الواقعة على الطريقة التي اشرت اليها انفا وهي طريقة ائمة اهل البيت عليهم السلام وعلماء هذه المدرسة العظام في تاصيل النهضة وبيان اهدافها واليات خلودها ولعل هذا الجمهورفي غالبيته اليوم لايعرف عن الحسين عليه السلام ونهضته الشيء الكثير بل قد لايعرف طيف واسع منه من هو الحسين ولماذا قتل ومن قتله وما اورده الاستاذ الخيون من بعض المصادر ليس متاحا الا لثلة قليلة من الباحثين الذين يصنفه فريق منهم على انه لون من الوان الاداء الانشادي للمصائب والاحزان في عصر من العصور الاسلامية انقرض وانتهى زمانه ولا ادري حقا هل يفهم من كلام استاذنا الفاضل الايمان بالمحتوى الاصلي للقضية الحسينية ونبذ اعدائها لدى هذا الجمهور ام ان المسألة على شاكلة خرج سيدنا الحسين على امر سيدنا الخليفة يزيد فقتل في كربلاء وهذا ليس انتقاصا من مدرسة او مذهب اسلامي معين بقدر ما هو كشف لحقيقة واقعية فهذه الطروحات المشوهة ورائها خدعة تمرر اليوم الى اجيالنا في غير بلد اسلامي هدفها الاساس التعمية وذر الرماد في العيون.

كما اني لا اعلم لماذا لا يعرض الراي الصريح لابن تيمية في قضية مقتل الحسين فهو لايحمل يزيد وبني امية مسؤوليتها الكاملة والمباشرة بل يرى ان شمرا وحرملة وبعض منافقي الكوفة هم القتلة باجتهاد شخصي وان الخليفة المزعوم لم يكن يريد ذلك انطلاقا من حبه للنبي وقربى الامام الحسين منه . وللامانة فأن بعض مما اورده السيد الكاتب في مقال له تحت عنوان العراق... الجامعات للعلم لا للطم! المنشور في جريدة الاتحاد الاماراتية يحمل بين طياته شيفرات ورموز لابد من فكها فعقولنا القاصرة لاترى ما يراه وحقنا في ممارسة شعائرنا في مناطقنا ومدارسنا امر لابد من احترامه بحكم اننا اكثرية وعلى من يرى خلاف ما نرى ان يحترم عقائدنا على الاقل فالجامعات وطلبتها جزء من النسيج الاجتماعي وتركيبة هذا الشعب وليس عيبا ان تعلق اللافتات ويعبر اكثرية هذا الشعب عن حبهم وتمسكهم بفكرة اصيلة وللعلماء والنخب طرح مؤاخذاتهم وافكارهم في تشذيب وتنقية هذه الشعائر لكن ان تنتقد بهذا الشكل او تحدد بنمط معين انسجاما مع رؤية كاتب او سياسي او مفكر ربما في هذا الطرح مشكلة كما ان تدخل السلطة في مظهر من مظاهر الاحياء العاشورائي سلبا او ايجابا امر يعود لها وهي المسؤولة عن قرارها ونهجها وان كان هناك قصور معين فلابد من تاشيرة والدعوة الى تصحيحه بذاته لا من خلال نسف البناء برمته ولو افترضنا جدلا ان قادة المؤسسة العلمية الجامعية في العراق والتي تعاني التأخر والاهمال هم سبب هذا التأخر عليه يجب هنا الحديث معهم وتوجيه الرسالة لهم اما ان نعترض على طالب جامعي او مدرس او موظف في الجامعة لماذا تتصرف بهذا الشكل وتؤثر الطبخ واللطم وتعليق الشعارات على الجامعة فاعتقد انه سؤال واعتراض غير مرتبط ولاتعارض بين الامرين بتاتا فالقضية اعمق مما تشير اليه دلالات المقال وليس مرتبطا بشكل مباشر بجانب حزبي او ديني وشعائري شيعي وقد يكون استاذنا الكبير قد اطلع على مسيرة وتأريخ الشعوب في تعاملها مع قضاياها وتراثها في اكثر من مكان في هذا العالم الرحب . ختاما اقول ان الامام الحسين الثائر على الواقع الفاسد في كل زمان ومكان ترك لنا ارثا عظيما ينبغي الالتفات اليه والتدقيق في مضامينه والبحث فيه مليا وان كان زمن الطغاة قد ولى المتاخرين منهم بشكل خاص الى غير رجعة فللجامعة وطلبتها واساتذتها في وقت المحنة كلمة تعلموها من الحسين عليه السلام واطلقوها مدوية بوجه اولئك الصغار مرسخين ثقافة التضحية والاباء وعنفوان شباب يقفز فوق كل حواجز السلطة واشراكها وقد رايناهم شهداء صرعى في حرم جامعة البصرة التي اتشحت كغيرها من الجامعات في وسط وجنوب البلاد بالسواد مؤسسين لثقافة رفض الظلم والظالمين سيرا على نهج هذا الحسين الثورة والعطاء. ربما اكون ه قد اصبت كبد الحقيقة في موضع ما وربما يكون كلامي في واد اخر غير الذي سلك فيه استاذنا رشيد الخيون وهو ينتقد حالة يرى معها صوابية رأيه وتشخيصه مع التقدير والاحترام لشخصه وتاريخه العلمي والله من وراء القصد ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك