حافظ آل بشارة
العقلاء حاضرون في كل أزمة ، وهو من علامات التوفيق ، الطريق الى الهاوية شديد الانحدار دائما ، والطريق نحو القمة وعر يتعب سالكيه ، منذ البداية كانت الأزمة سياسية تتغذى من التراشق الكلامي ، بنادق الفريقين تطلق الكلمات ، لكن الكلمات اخطر مما يتصور البعض ، اصل الخلق كلمة : كن فيكون ، والقرآن كلمة : اقرأ باسم ربك ، ولكن في جانب الشر ينقلب دور الكلمة ، قرار الاعدام كلمة ، قرار الابادة كلمة ، انطلاق الحرب كلمة ، الكلمات كائنات حية تتنفس ، ولا يكب الناس على مناخيرهم في جهنم الا حصائد السنتهم ، بنادق المتراشقين بالكلمات تصنع الحرب الباردة بين الاقليم والمركز ، ولكن اتضح ان الحرب لا تبقى باردة ، خاصة اذا استمرت عناصر الصراع بالنمو ، لذا انتقل العراق من الحرب الباردة وهو على اعتاب الحرب الساخنة ، انتهى زمن اللعب بالكلمات وجاء دور اللعب بالنار ، هناك من يهون الحرب ويجعلها كلعبة الكاميرا الخفية ، الأجواء الانتخابية تتطلب احيانا اثارة الأزمات من اجل التعبئة والكسب الجماهيري ، ومن بين الطرق التي لاتعد ولا تحصى في اقناع الناخبين هناك من يفضل أخطر الطرق ، وهي طريقة (اختلاق عدو) ثم شن الحرب عليه لحماية الشعب من شره فيلتف الناس حول المحارب بدافع الخوف والبحث عن الأمان فيتحول الى رمز للانقاذ وبالتالي زعامة تأريخية ، ولكن لعب البهلوان على حافة الهاوية مجازفة خطيرة ، وبدل ان يحصل على حشد انتخابي ينزلق الى معركة مسلحة بين ابناء الوطن الواحد فيتهدم الوطن وتندلع فيه النيران فلم يعد بحاجة الى انتخابات لأن الناخبين ينشغلون في تشييع الضحايا والتخطيط لأخذ الثأر ، نعتز بتراثنا العربي الاصيل فنعود الى ايام داحس والغبراء وحرب البسوس ، ولتذهب الديمقراطية والتعددية والتعايش الى جهنم ، عقلاء هذا البلد يحتجون بقوة ويسجلون النتائج المتوقعة والاحتمالات المنظورة التي تنشأ بسبب التحشيد المتقابل والتوتر ، فقد وقع الضرر وتحققت الكارثة حتى ان لم تقع الحرب ، وقعت حرب في اعماق النفوس وكانت خسائرها كما يلي : 1- تقوية مبررات انفصال كردستان عن العراق . 2- تقوية مبررات بناء ترسانة اسلحة خطيرة في الاقليم . 3- بروز شخصيات كردية انفصالية متشددة كأمر واقع وتهمش المعتدلين الكرد . 4- ظهور حكومة المركز وكأنها تقلد نظام صدام في التعامل مع الكرد . 5- توفير ظروف لكبار ضباط النظام البائد كي يعودوا الى الجيوب المهملة في البلد ويستعيدوا نشاطهم في تشكيل الخلايا الارهابية بالتنسيق مع ضباط بعثيين يعملون حاليا في القوات المسلحة . 6- الهاء واستنزاف الجيش العراقي وجعله عاجزا عن صد اي غزو ارهابي تكفيري جديد يأتي عن طريق سوريا .6- توفير فرصة لشخصيات مطلوبة للقضاء هاربة خارج العراق كي تجدد محاولاتها العدوانية وتحالفاتها .7- تفكك التحالف الكردي الشيعي التقليدي والتمهيد لتغيير معادلة المكونات في البلد بما له من آثار سياسية وأمنية مستقبلية خطيرة . نصيحة لدعاة التصعيد لاغراض انتخابية ، نتفق معهم ان فكرة الحرب وقرع طبولها شيء جذاب ، ولكن هناك بديل آمن ، جبهات اكثر اغراء واضمن انتصارا واشد جاذبية للناخب ، فليشنوا الحرب ويقرعوا طبولها ضد الاعداء المذكورون ادناه : 1- الفاسدون الذين يبتلعون الموازنة السنوية وعوائد النفط هم واقرباؤهم . 2- المجرمون المحكومون والذين لم تنفذ احكامهم ويتم تهريبم بشكل منتظم . 3- الذين قاموا بالغاء البطاقة التموينية ليهددوا عيش ملايين الناس .4- المنافقون المندسون في دوائر الدولة ينشرون التعطيل والرشوة والمحسوبية واليأس . 5- الذين يقودون وزارات ومؤسسات ودوائر خدمية مهمة ولم يقدموا اي منجز على الارض . حرب كهذه ليس فيها الكثير من الضحايا وهي حرب يباركها الله ورسوله والمؤمنون .
https://telegram.me/buratha