أحمد عبد الحسن
يبدو أن هناك خطا رفيعا يفصل بين الدكتاتور والمجنون، فكلاهما يرى نفسه في المرآة طاووسا، على الرغم من أنه قد يكون أقبح من الدجاج الهراتي، وقد يرى نفسه عنترة ابن شداد بينما هو في حقيقته (أجبن من إسماعيل ياسين) كما يقول العراقيين.
والاثنان يتسمان بالغباء، مع فارق هو أن المجنون معذور لغياب عقله عنه لسبب قد يكون خارج إرادته، لذلك يكون الدكتاتور أغبى من المجنون، لأنه غيّب عقله بملأ إرادته وأختار أن يتصرف من دون الرجوع إلى العقل، مع أنه الوحيد الذي يميزه عن باقي مخلوقات الله الأخرى.
الذي أثارني لكتابة هذا الموضوع هو التصرفات المتتالية للسيد رئيس الوزراء العراقي (حفظه الله ورعاه) نوري المالكي.
فلا أعرف ماهية الطريقة التي يفكر فيها السيد المالكي، وهل تعد بنظره منطقية؟. فهل من المعقول أن ينهي رجل ما، سبع سنوات من حكمه بخلق الأزمات، نعم بخلق الأزمات، وأقولها الآن بملأ فمي.
كنت فيما مضى التمس للرجل العذر تلو العذر، وأقول إن أعدائه ومناوئيه لا يريدون للرجل النجاح، بيد أن ما فعله اليوم من حرمان الشعب من حصته في نفط بلاده التي أقرها البرلمان في ميزانية السنة الفائتة، لهو اشد أنواع الديكتاتورية والحمق السياسي.
ما الذي يريده المالكي بارتكابه هذه الفعلة الشنيعة؟، وكيف يبررها؟، والمشكلة أن عذر أصحابه المطبلين له أقبح من فعل رئيس الوزراء نفسه، لأن المسألة حسب قولهم مخالفة للدستور!!، فلا يحق لأحد إضافة بنود جديدة على الميزانية بحسب قولهم وقول صاحبهم الذي يتكلم بلسانهم، مع أن المسألة بخلاف ذلك بحسب بعض النواب ممن أصروا على تثبيت نسبة الـ25 بالمائة من فائض النفط في الميزانية التكميلية، وهذا ما أقره حتى أعضاء كتلة المالكي نفسه، وقرأنا تصريحاتهم في أكثر من مطبوع وصحيفة عراقية.
فما حدا عما بدا، وكيف تحولت هذه النسبة إلى غير دستورية بنهاية العام؟، ولماذا أفسد فرحة الناس؟، لاسيما الفقراء منهم وهم يعدون الأيام لاستلامها وقضاء حوائجهم الكثيرة في ظل حكومة (العدل والقانون).
ولماذا بيّت السيد المالكي هذه المؤامرة للشعب وتركها لنهاية السنة؟، هل كان يستهزئ بهم، ويضحك من أم حسين التي كانت تنتظر الأموال بفارغ الصبر لتشتري لأيتامها (صوبة)، أم كان يسخر من أبي جاسم المعدم الذي كان متحمسا لما سيقبضه من مال ويحقق أمنيته ويمسك ورقة الدولار التي سمع عنها كثيرا ولكنه لم يلمسها كما يفعل المسؤولين ذلك كل يوم؟.
فهل هو الجنون أم هو الغباء في هذا التصرف؟..ونقول: الجنون هو اللعب على أرزاق الناس، لأنهم يسامحون في كل شيء إلا قوت أطفالهم..والغباء: أننا على أبواب انتخابات، ولا أعلم أي مستشار يقترح على رئيس الوزراء مثل هذه الأفكار العبقرية. أما إن كان حرمان الشعب من أموالهم وحصتهم في النفط من بنات فكر السيد رئيس الحكومة، فلا تعليق...
https://telegram.me/buratha