بهاء العراقي
يبدو من لهجة رئيس الحكومة نوري المالكي وانت تستمع لمؤتمره الصحفي الذي عقده مؤخرا انك تستمع لشخص اخر غير المالكي والذي شمر عن ساعديه سابقا واعلن امام الشعب انه عازم على حرب الفساد حربا لا هوادة فيها حتى ظننا انه سينصب محكمة في ازقة وشوارع بغداد لمحاسبة المفسدين ,ما فاجئنا فعلا هو نفي وجود الفساد في صفقة الاسلحة الروسية في تناقض كشف عنه في موضع اخر وهو يرد على اسئلة الصحفيين حيث قال بالحرف ان اقالة الدباغ من منصبه جاءت نتيجة وجود شبهات فساد في الصفقة الروسية رغم نفي الاخير وحديثه عن معلومات قدمها للمالكي بوجود هذه الشبهات وليس هذا فقط موضع التناقض في حديث السيد المالكي بل ان هناك اماكن اخرى تحدث فيها عن خلط وعدم دراية افقدت هذا الحديث اتزانه وجعلته هستيريا وهذا ما لم نكن نريده منه لايماننا ونحن نستشرف مستقبل بلادنا ان يكون الحديث موضوعيا قابلا للتصديق مقرونا طبعا بما يدعمه من اجراءات على الارض .الامر الاخر ان سياسة التهرب ورمي التهمة والتملص من المسؤولية التي اعتدنا سماعها منه ومن انصاره في كل مكان وكأنهم ملقنين وهم كذلك بالفعل حيث يرمي المالكي التقصير في خانة جهات اخرى في محاولة لتبرير موقفه في سلوك غريب وهذا ما نجده عبر اعترافه بانه قد تحدث الى اثنين من المعتقلين الذين قالا انهما بقيا رهن الاعتقال حتى من دون التحقيق معهما منذ سنة فهل ان التقصير هنا يرمى على الاشخاص المسؤولين عن الاعتقال ام على المؤسسة ام على طبيعة النظام الاداري المتبع, فوزارة بحجم وزارة الداخلية يتشدق وكيلها الاقدم بعدم وجود تقصير وان الامر مرتبط بوزارات اخرى وجهات قضائية فلماذا لم ينظر سيادته الى هولاء المعتقلين ولماذا الابقاء عليهم في المعقتل كل هذه الفترة وهل سيكرر انصار المالكي نفس القوانة المشخوطة (الرجال بوحدة محد يساعده) فماذا يريد حتى يحكم فينا بالعدل وهل يقبل دولته فعلا بمشاركة الاخرين من الشركاء ومساعدتهم وهو يحرص دائما على ان يكون قراره مركزيا غير قابل للنقض او الاستشارة فاذا كان يريد ان يبقى وحده لماذا تتكرر لهجة (محد يساعده) ام انها مخرج فضفاض وشماعة لتعليق الفشل والاخطاء عليه ؟؟ ما يثير الانتباه ايضا في اجابات وايضاحات السيد رئيس الحكومة هو اعترافه بتنفيذ بعض الاعتقالات بنفسه (في قضية البنك المركزي) وهو دليل على هيمنة راس السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وهذا ما يخالف الدستور قطعا فهل هذا الامر بذاته ناشىء من عدم ثقة بالمؤسسة التنفيذية الامنية ام انه حرص زائد وتمادي في شغل مراكز الاخرين, واذا كان الامر منطلقا من عدم الثقة فلما يبقى من هم غير جديرين بها في مراكزهم والبلد فيه من العقول الكفؤة والضمائر النظيفة الكثير والكثير بما فيهم انصاره ومجاهدي حزبه الذين ترك بعضهم يواجهون مصيرهم المحتوم ليلجأوا في النهاية الى خيار ترك الخدمة في المؤسسات الامنية لاطلاعهم على اساليب بعض القادة الميدانين ممن كانوا يمثلون مرحلة البعث الصدامي وما اكثرهم في مؤسسات الدولة اليوم .اما ان يفسر الموضوع على انه حرص قد يكون زائدا فذلك موضوع مستقل ينم عن عدم احترام مبدا الفصل بين السلطات وممارسة مسؤوليات الاخرين وهو امر لاينبغي ان ان نفتح له الباب لانه سيكون على حساب امور اخرى غير مقبولة .الخلاصة ان موقف السيد رئيس الحكومة وحديثه خلال المؤتمر الصحفي فتح الباب مشرعا امام التكهنات والتاويلات فيما يخص الخلاف مع الاقليم سيما تهديداته الصريحة وطبيعتها والتي كشفت عن عدم احترام والتزام بالدستور بغض النظر عن كونه محقا او غير محق في خلافه مع الاقليمفيما شكل الحديث عن وجود فاسدين في لجنة النزاهة البرلمانية مقدمة لمحاولة اخرى الهدف منها اما لخلط الاوراق وتصفية الحسابات السياسية مع بعض الجهات الشريكة كالتيار الصدري او انه امر واقع حقيقي ويريد المالكي توظيفه مستقبلا ليتسنى له كسب الوقت والشروع بمناورة مع نفس الجهة في الوقت المناسب للتغطية على موقف او ازمة ربما تلوح في الافق خصوصا وان البلاد مقبلة على انتخابات . فهل كان المالكي موفقا ام لا في اختياره الحديث بهذه الكيفية ولماذا اذا يشعر الكثيرون بتناقض اجاباته ان كان التوفيق حليفه !!!
https://telegram.me/buratha