محمد حسن الساعدي
التفاؤل في الأجواء السياسية والتي أوجدتها عودة الرئيس الطالباني من رحلته العلاجية آخذت في التراجع لمصلحة موجات التشنج السياسي، واللقاءات التي تكثفت مع عودة الرئيس طالباني قبل شهرين، والتي بدا معها حل الأزمة السياسية ، وصلت الى ما يشبه الركود ، على وقع حدوث متغيرات وتعقيدات محلية وأخرى إقليمية تتشابك فيها الخيوط بصورة واضحة المعالم.هذه الأجواء عبرت عنها رسالة وجهها رئيس الجمهورية الى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي السيد عمار الحكيم في ذكرى تأسيس المجلس الاعلى ، أكدت على غياب الثقة بين الأقطاب السياسيين المعنيين، ان البلاد تمر في مرحلة شديدة الحساسية والتعقيد تقتضي من جميع الأطراف التصارح كأساس للتصالح، والعودة الى الثوابت وفي رأسها الدستور، الى جانب التفاهمات والاتفاقات والمبادرات القائمة.أن انعدام الثقة بين السياسيين وغياب الجدية هو العائق الذي يعترض نجاح مبادرة طالباني حتى الآن، ، أن عدم وجود جدية وواقعية في تلبية الدعوات إلى عقد الاجتماع الوطني هو الذي أدى إلى إرجاء عقده عشرات المرات منذ عام ونصف، كما أن الدعوات التي نادت بعقد هذا الاجتماع وجعل الدستور هو الحكم في جميع القضايا لم تلق آذاناً صاغية. غياب الجرأة السياسية في المبادرة يشكل سببا آخر في تراجع حظوظ الحل كما ان الكتل السياسية غير قادرة على اتخاذ الخطوة الأولى رغم النبرة الهادئة في التصريحات،والشيء الايجابي ان جميع الكتل السياسية لا تزال مشاركة في العملية السياسية ولو أن هناك شكوكاً تحوم حول حكومة الشراكة الوطنية، كما أن التعقيد لا يقلل من حقيقة ان الوقت متاح اليوم للبدء بجدية وبشكل صريح في حل الأزمة من خلال استثمار حالة الهدوء الراهنة.ان ما يحصل من اختلافات وانشقاقات في المواقف وداخل الكتل السياسية نفسها، ادى الى عدم نضوج فكرة واضحة لحل الازمة. فضلاً عن أن اقتراب موعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات ادى الى انشغال الجميع بالاعداد لها ما أوصل المشهد السياسي الى ما يشبه المراوحة في الأزمة.إن العملية السياسية تحتاج الى المرونة والتعاون من قبل الاطراف جميعاً، لا الى اطلاق التصريحات غير المحسوبة. وان المطالبة بالتهدئة في التصريحات السياسية يأتي من باب الحاجة الى تصويب مسار العملية، لأن اطلاق التصريحات القوية لا يخدم التسوية، وما تشهده العملية السياسية من تعقيد يحتاج الى تعاون ومرونة من قبل الاطراف المعنية للوصول الى مخارج ملائمة لأن الهدوء في حدة التصريحات مطلوب اولا من اجل تهيئة الاجواء المناسبة لاي اجتماع، وحالة اللاثقة التي تسيطر على المشهد السياسي تستدعي خطوات جدية من جانب القوى التي تسيطر على الحكومة العراقية.الخيار المطروح اليوم للخروج من حالة التأزم التي رافقت العملية السياسية منذ نشوئها بعد العام 2003 ، انفتاح القوى السياسية الحالية على بعضها البعض ونشوء حالة من الثقة المتبادلة بين الكتل السياسية ،أن مرحلة التوافقات صارت من الماضي، ذلك أن القوى السياسية تسلم بصعوبة الحل النهائي للمشكلات، وهي تجنح إلى التعايش مع الأزمة على الأقل في ما تبقى من الولاية البرلمانية الحالية.
https://telegram.me/buratha