ابو هاني الشمري
لان الروافض هم يهود هذه الامة كما يدعي البعض وان مذهب الرفض نشأ على يد ابن سبأ ولانه مذهب صفوي الخ ... من هذه العبارات التي نقرأها ونسمعها من على وسائل الاعلام وصفحات الانترنيت ... اصبح لزاما علينا ان نميط اللثام عن حادثة تاريخة في تاريخ الاسلام الاول سجلت بشكل لا يمكن التغافل عنه او الادعاء بأنه مكذوب.
الفرزدق شاعر معروف لا حاجة بنا الى ذكر حياته ولكن ما يهنما هو انه ولد عام 19 للهجرة في كاظمة البصرة (الكويت حاليا) وتوفي عام 110 هجري (اي انه عاش 89 عاما). اي ان الفرزدق ولد في زمن خلافة عمر وعاصر خلافة عثمان وعلي عليه السلام وعاصر ما يسمى بصلح الامام الحسن (ع) مع اللعين ابن اللعين معاوية عام 40 او 41 للهجرة كما ذكرته بعض الروايات وعاش في عصر الدولة الاموية التي ابتدأت بشتم على عليه السلام على منابرها مدة زادت عن الثمانين عاما !! وقد ذكرت بعض روايات مقتل الامام الحسين (ع) انه التقى بالفرزدق قبل خروجه الى كربلاء فقال الفرزدق للحسين (ع) ان قلوب اهل العراق معك وسيوفهم عليك ومن هذه الرواية يمكننا القول ان عمر الفرزدق كان عند لقائه بالامام الحسين قد قارب من 42 عاما ... كما عاصرالسجاد والباقر والصادق عليهم السلام.
اسوق هذه المقدمة لضرورتها كي تنبه القارئ الكريم ان هذا الشاعر كان قريبا جدا من العصر الاول للاسلام وعاش كل حياته في زمن الدولة الاموية وتأسيسها.
كيف عرف هذا الشاعر حق ائمة اهل البيت وعرف عصمتهم وكيف عرف ان التمسك بهم هو الطريق الى الجنة رغم ان منابر الخطباء في كل مساجد المسلمين كانت تبدأ خطبتها وتنهيها بلعن علي واهل بيته. هذا سؤال متروك لمن يتبع غير مذهب اهل البيت عليهم السلام.
تاريخ الحادثة كان في دولة هشام بن عبد الملك الاموي (105-125 هجري) او دولة اخوه الوليد بن عبد الملك الذي تولى الحكم مابين عام 86 الى عام 96 هجري اي ان الفرزدق كان عمره قد شارف على السبعين عاما على اقل تقدير وفي موسم الحج وهي حادثة ليست خافية على احد من شيعة اهل البيت رغم ان الكثير من كتب الطرف الاخر ذكرتها بالكامل (مثل ابن خلكان وابو الفرج وغيرهم) ولمن يريد تتبع كتبهم التي نشرت هذه الحادثة فيمكنه اجراء بحث بسيط عبر الانترنت.قصة الفرزدق مع هشام بن عبد الملك منشورة على عشرات بل مئات المواقع ولمن يريد ان يطلع عليها فيمكنه مراجعة الرابط التالي اوغيره بمجرد كتابة قصيدة الفرزدق في مدح علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام.http://alhazm.net/showthread.php?t=5196
نحن نعرف ان الشعراء بل اغلب الشعراء يقفون على ابواب الملوك اياما وشهورا من اجل ما يرمى لهم من دراهم مقابل مدحهم بما ليس فيهم حتى قال فيهم جل وعلا ((وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ @ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ @ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ @ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون)) هذه الايات المباركة تشير الى ان الفرزدق من الذين آمنوا (بحق اهل البيت عليهم السلام وضرورة التمسك بهم) فهل يعقل ان شاعرا يقف بجانب ملك من الملوك ينتظر عطاياه فيتركه ليمدح شخص يعرف حق المعرفة انه سوف لن يحصل منه على شئ لانه ببساطة لم يكن معه ولم يعلم بما يجري وما قيل بحقه من شعر لانه كان يؤدي مناسك الحج بين جموع الحجاج ويطوف حول البيت الحرام.(رغم ان هدية الامام السجاد وصلت للفرزدق وهو في السجن بعد هذه الحادثة وبعدما عرف بما جرى)
والفرزدق يعلم علم اليقين ان قصيدته الميمية العصماء التي قالها قد تؤدي به الى القتل... فلماذا فعل الفرزدق هكذا وهو ينتظر عطايا هذا الملك الذي يقف بين يديه؟ ... ولماذا يعرض نفسه الى القتل وهو يعلم علم اليقين مقدار البغض الذي يحمله بنو امية لعلي وابناء علي عليهم السلام؟ ولان القصيدة منشورة على صفحات الانترنت لمن يريد قرائتها كلها ... فسأتطرق فقط الى اربعة ابيات منها تؤكد عصمة اهل هذا البيت وان الابتعاد عنهم هو ابتعاد عن الدين كله بل قالها بكل صراحة ان من يبتعد عن اهل هذا البيت فلن ينجو من نار جهم التي اعدها رب العزة للكفار!!الابيات تقول:
من معشر ...... حبهم دين .. وبغضهم كفر ... وقربهم منجا ومعتصمإن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل : من خير أهل الأرض ؟ قيل هممقدم بعد ذكر الله ذكـرهم ............... في كل بدءٍ ومختوم به الكلممن يعرف الله يعـرف أولية ذا ......... والدين من بيت هذا ناله الأمم
فاذا كان الفرزدق رد على قول هشام حينما رد على احد الشاميين الذين سألوه عن الامام بأنه لايعرف علي بن الحسين (ع) بهذه القصيدة الخالدة ليخبر السائل ان هؤلاء من يجب على كل مسلم ان يعرف مكانهم الذي انزلهم الله به ... وليقول للسائل (ان حبهم دين وبغضهم كفر) امام من يلعنهم على المنابر فهل هكذا شعر يرتجي قائله من ورائه عطايا الدنيا وبدرات ملوك بني امية؟!! وليقول للسائل (من يعرف الله يعرف اولية هذا الشخص) فهل هناك توضيح اكثر من ذلك عن مكانة اهل البيت عليه السلام .... وليقول للسائل (لو قيل من خير اهل الارض لكان الجواب هؤلاء ...يعني اهل البيت عليهم السلام). فهل بعد هذا يوجد وضوح اكثر لمن يتبع الحسن البصري (21- 110 هجري) وابو حنيفة (80-150 هجري) والاوزاعي (88- 157 هجري) ومالك (93-179 هجري) والشافعي (150-204 هجري) وابن حنبل (164-241 هجري) وغيرهم .....فكل هؤلاء (عدا الحسن البصري) جائوا بعد الفرزدق !!...
يمكن لمن يقرأ هذه السطور ان يراقب تاريخ ميلاد ووفاة من ذكرت اسمائهم ليعرف انه كلما ابتعد الزمن عن عصر النبوة كلما ابتعد الخط الاخر عن اهل بيت النبوة حتى صار من ذكرت اسمائهم والكثير غيرهم هم من يتحدث باسم الاسلام بل قاموا باغفال او التغافل عن ذكر اي شخص من ذرية النبوة نكاية بالنبي (ص) وصنوه واخيه امير المؤمنين علي (ع) حتى صار من ذكرت اعلاه هم ائمة الدين بدلا من علي وابنائه.
الفرزدق لم يكن يهوديا ولم يكن يسمي نفسه شيعيا ولم يكن يعرف شئ اسمه عبد الله بن سبأ تلك الشخصية الخرافية التي لم يكن لها وجود سوى انها من انشأت بذرة التشيع كما يدعي مخالفوا الشيعة نكاية بهم وبغضا لهم لانهم ساروا على نهج محمد وعلي واهل البيت كما ذكر ذلك الفرزدق (الشيعي) بالضبط قبل ما يقارب من 1400 عام. فالفرزدق عرف الحق واتبعه ليس اكثر وثبت تلك الحقيقة لتبقى شاهدا على هذا الحق ابد الدهور وحسب قدرته رغم ان هذا الحق يعرفه كل من يقرأ القرآن حينما يصل الى قوله تعالى ((انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)) وقوله ((قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى))فالحمد لله على نعمة العقل.
https://telegram.me/buratha