الميزانية السنوية هي الآن في مجلس النواب، وهي و ـ كالعادة ـ موضع أخذ ورد بين المجلس والحكومة ، وستمضي أيام وأسابيع الى أن تقر، وستقرإن عاجلا أم آجلا، ومن يقرا فصول الميزانية ومبالغها سيتملكه أعتقاد أن كل مشكلاتنا ستحل، لا سيما أن مبلغها التريليوني يزيد على ميزانيات جميع دول المنطقة مجتمعة ، طبعا عدا حكومة آل سعود التي لها وضع خاص سنحكي عنه في قابل الأيام..لكن الحقيقة ليست كذلك/ فالميزانية بيدر شعير مغطى بطبقة رقيقة من الحنطة..!
الميزانية كسابقاتها في الأعوام المنصرمة، لا تعدو نسبة الأستثمار فيها عن 30% والباقي لتحريك وتشغيل الجهاز الحكومي الضخم المتضخم دوما، ناهيك عن أنها ميزانية ريعية أحادية المصدر.فـ 95% من مصادر الدخل الوطني تعتمد على النفط، وكما ترون فنحن في ازمة سياسية يمكن أن تمزق الوطن بسبب النفط بين الحكومة المركزية وحكومة أقليم كردستان..! ويعصب عينيه بغلالة سوداء من يقول أن سبب الأزمة هو الهوية القومية للمناطق المتنازع أو المختلف عليها، بل لأن هذه المناطق تحتوي جزء كبيراً من الريع العراقي: النفط!! وثمة ملاحظة أخرى عن ميزانية هذا العام وبقية الأعوام سالفها وقادمها، هي أنه وفي خضم تداعيات الاحداث التي نجمت عن اختلال توازن الاقتصاد العالمي بسبب الازمة المالية الكبرى، يقف العراق امام مفترق طرق قد تحدد مستقبله الاقتصادي ،لاسيما وانه بلد يشهد مرحلة تغيير رافقتها اوضاع أمنية خطيرة وتجاذبات سياسية على المستويين المحلي والدولي..
فمع انخفاض اسعار النفط العالمية، ودعوة منظمة اوبك لاعضائها الى تقليل حصصها من النفط المصدر ـ وان كانت هذه المنظمة قد استثنت العراق بشكل مؤقت من هذا التقليل ـ الا ان ما شهدته السنوات السابقة من تخبط واضح في آليات صرف الميزانية وعدم تبويبها بالشكل المطلوب، يضعنا امام تساؤلات عدة حول مستقبل اقتصادنا وكيفية تعامل وزاراتنا مع ما مخصص لها من ميزانيات للعام المقبل، فان ما يلاحظ على بعض هذه الوزارات ومن خلال تجربة الاعوام السابقة انتهاجها سلوكيات لا تعبر عن اداء وطني، بقدر تعبيرها عن سلوك شخص الوزير وفريقه في انتهاك صارخ للدستور والقانون تحت عناوين ومسميات مختلفة، تقوده الى صرف اموال طائلة باتجاه حزبيته او قوميته او ميوله السياسي على اساس محافظاتي بحت.. وفي هذا السلوك نصل الى مرحلة العجز عن بناء دولة المؤسسات، وبالتالي يظل العراق يدور في فلك متاهات التعنصر والتحزب ويسود الخراب والدمار في النفوس والبناء، حتى يقودنا هذا السلوك الى كارثة اقتصادية لا يمكن تجاوزها وهي قادمة لا محالة..!
كلام قبل السلام: يهب الله كل طائر رزقه و لكنه لا يلقيه له في العش حتى ولو كان حبة شعير!
سلام...
https://telegram.me/buratha