عون الربيعي
عاش العراق بعد مراحل طويلة من التسلط واقصاء المكونات الاساسية حالة من الانتعاش السياسي الذي قام على انقاض الديكتاتوريات والانظمة الشمولية وان كان هذا الانتعاش قد حدث بفعل مؤثر خارجي الى ان ما اظهره الشعب العراقي من عزيمة على انتزاع حقوقه كان مثار اعجاب وقد تمكن من ذلك بفعل جهود حثيثة بذلها هذا الشعب بنخبه وسياسييه وقواه وجماهيره وقيادته الحكيمة ممثلة بالمراجع العظام ليؤسس لنظام ديمقراطي يؤمن بتداول سلمي للسلطة عبر الانتخابات وتاتي اهمية الانتخابات في العراق من كونها الوسيلة الوحيدة التي نص عليها الدستور في ايصال الحاكم وتقليده رعاية شؤون البلاد مع الحفاظ على التوازن العرقي والاثني والديني في مؤسسات الدولة وهنا لابد من القول ان هذا التوازن الذي نص عليه الدستور لايمكن اعتباره مثلبة او انتقاص او تأسيس لجعل المكونات فوق قانون البلد وحقوق ابنائه وهو لايعني استقواء طرف على اطراف اخرى وانما جاء لتبديد المخاوف التأريخية لدى المكونات الناشئة من انعدام الثقة التي ولدتها عقود القهر والظلم والاستبداد وحين ننتقد نظاما معينا لابد من توافر الشروط الموضوعية وقراءة المشهد كاملا بمعزل عن عواطفنا وما يحاول البعض ترويجه, وبالحديث عن الترويج لبعض المفاهيم الخاطئة التي تقف ورائها اسباب مفتعلة تدعمها مصالح الجهات المروجة لهذه المفاهيم داخليا وخارجيا يمكننا القول ان دفع بعض الاطراف لتثبيط همة المواطن العراقي وحثه على عدم المشاركة في الانتخابات عبر جميع مراحلها التي عشناها منذ العام 2003 وحتى الان ومن هذه الاسباب هو الحنين للماضي ومحاولة اعادة العراق الى منظومة التابع لحكام المنطقة كما كان سائدا عبر مراحله التاريخية وهذه الاعادة التي يعتبرها هولاء الحكام امرا مشروعا جاءت نتيجة نمط التفكير الطائفي المقيت لهم فعلى مر تاريخ البلد كان حكامه ينتمون لطائفة معينة اعتبرت ضمانة لبقاء العراق في محيطه (العربي) وكأن أي شخص اخر ينتمي لطائفة اخرى يعتبر سلبا لصفة العروبة الاصيلة عند هذا الشعب الاصيل . عموما ان الحديث عن المشاركة الفعلية الفاعلة في الانتخابات القادمة وعلى مدار السنوات العشر المقبلة سيعزز هذه التجربة ويحولها من ممارسة عشوائية او جديدة الى سلوك حضاري اصيل منظم منطلق من وعي باهميتها كما ان تكرار التجربة سيولد فهما جديدا عن طبيعة البرامج التي ينبغي ان تكون لخدمة الشعب والاشخاص المستهدفين عبر التصويت اما ان يقول الشخص الفلاني غير ذلك او الحزب الفلاني ان المشاركة في الانتخابات للن يغير من الواقع شيئا بفعل الطائفية السياسية وتفشي الفساد بينما يعمد هو وغيره الى رصد الاموال وشراء الذمم وعقد التحالفات داخليا وخارجيا لاقتناص الفرصة فهذا محل بحث ونقاش لانه الاسلوب الرائج الذي تتخذه بعض القوى والشخصيات اليوم ولو حاولنا ان نسلط الضوء على الممارسة الانتخابية الاقرب زمنيا وهي انتخابات مجالس المحافظات التي تؤكد بعض التسريبات ان بعض القوى تسعى لتأجيلها فالامر يحتاج من ابنائنا الاختيار الدقيق والعمل على انتقاء الاشخاص المعروفين بالنزاهة والاستقامة والخبرة والامكانية فالمشاركة الواسعة اصل ينبغي مراعاته كما ينبغي ايضا عدم فسح المجال امام النفعيين والفاسدين واقصاء من لم يقدموا شيئا فنحن نحتاج الى وجوه جديدة تمتلك القدرة على الفعل والتغيير وما نؤكه دوما ان التغيير لابد ان يكون منطلقا من صناديق الاقتراع لاننا نرفض وسيلة اخرى كالانقلابات والتسقيط والاستحواذ بالغش والتزوير فخيارتنا التي نحث على احترامها تمثل ارادتنا وهذه الارادة كي تتحقق وتحقق المنشود تحتاج لمن يمتلك رؤية ابعد من اليوم فعلاج الفساد والقضاء عليه وبناء المنظومة الاقتصادية والخدمية وتوزيع الفرص بعدالة بين المواطنين ثم الانطلاق بالمشروع نحو التكامل ليترسخ في النهاية ويبنى على اسس صحيحة اما فيما يخص دور مفوضية الانتخابات واعلاناتها المتلاحقة المؤكدة على اهمية مراجعة مراكز تحديث سجل الناخبين التي شرعت بها مؤخرا فهي خطوة مباركة لابد منها. ولضمان المضي قدما وعدم النظر الى الوراء يجب التشديد على اهمية وسلامة في ما يتعلق بتحديث سجل الناخبين لان هناك عشرات الالاف ممن سيلتحقون بركب الناخبين كما ان هناك اعداد اخرى من المتوفين ينبغي استبعادهم وهنا على الجهات المعنية في الوزارات الاخرى ان تتعاون وتمرر الفرصة على المتصيدين بالماء العكر وبعض ضعاف النفوس الذين سيحاولون جعل المعطيات في مصلحتهم ولكون المفوضية جهة من المفترض ان تكون خارج دائرة التسييس فكلنا امل ان تنهض بمسؤوليتها وتعمد الى اعتماد معايير النزاهة والشفافية لتكون حكما مقبولا بين الفرقاء والمتنافسين وتحظى باحترام العراقيين جميعا .
https://telegram.me/buratha