قبل أيام كنت في إحتفالية أقامها أحد المراكز الإعلامية بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيسه، وكان من بين الحاضرين نائب عن القائمة العراقية لا أود أن أذكر اسمه حتى لا يقال أني أشهر به أو أن لي غرض من هذا الذكر..وجرت على هامش الأحتفالية أحاديث جانبية بين العديد من المدعوين، وكان من بينها حديث بيني وبين النائب إياه..وفي معرض حديثه عن الأزمة السياسية الراهنة أبدى أسفا علنيا على رحيل القوات المحتلة من العراق، واصفا هذا الرحيل بـ "الخطأ الفادح والكبير".!! ومن بين أسباب تأسفه "البالغ" أنه قال بأن القوات الأمريكية الصديقة ـ ولم يسمها المحتلة ـ كانت صمام أمان للأزمات، وكان وجودها يمنع تطور الأرزمات الى حدود القطيعة والتناحر الذي وصل الى مقدمات إستخدام القوة كما هو حاصل الآن بين حكومة أقليم كردستان والحكومة المركزية...والحقيقة أني صعقت لآراءه ليس لصراحته وعلنيته، بل لأن القائمة والكتلة السياسية التي ينتمي اليها "صدعت" رؤوسنا بالمشروع الوطني، وخروج المحتل، والقادمون على دبابات المحتل وغيرها من المزايدات الوطنية...
بقيت ذاهلا لدقائق وأنتبه الرجل لذهولي فحاول التخفيف من وقع وصفه الأنسحاب "بالخطأ الفادح والكبير" بما قاله بعد ذلك من ان " الوضع الامني سيء ولا بد من وجود قوات امنية وطنية لاشغال وملء الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الامريكية من البلاد " وأن قواتنا مازالت غير قوية وان " [الاحتلال] بغيض وانه دمر البنى التحتية للمجتمع العراقي وكذلك النسيج الوطني وانه واقع مفروض"... وأستمر يتحدث ، ولكني لم أكن أستمع لبقية حديثه فقد اصبت بذهول و"طرش" مؤقت....
أفقت من ذهولي عما عبر عنه ذلك النائب الذي يفترض أنه يمثل الشعب العراقي وأرادته التواقة دوما للحرية،على نتيجة توصلت اليها هي أن الآسفين على رحيل القوات المحتلة يندرجون تحت واحد من الأصناف الأربعة التالية: أما أنهم أناس تكون وجودهم السياسي من خلال التماهي مع المحتل فعملوا في الساحة السياسية وفقا لمعاييره، وبرحيله تعين عليهم العمل وفقا لمعايير الشعب واشتراطاته وهي فوق طاقتهم وخلافا لمصالحهم. أو أنهم وجدوا دعما من المحتل تحت عنوان التوازن الذي روج له المحتل لتمرير أجنداته المعروفة، وبزوال المحتل زالت أسباب وجودهم لأنهم مرتبطين بأجنداته التي أنتهت صلاحيتها، وأما أنهم قوى ضعيفة إستقوت بالمحتل وقواته فتكون لها وجود مضخم على غير حقيقتها وتخشى أن تعود الى سابق مواقعها بزوال الأحتلال، أو أنهم عملاء مكشوفين لا يخفون عمالتهم ويعملون على تنفيذ أجندة دولة الأحتلال سواءا تحت ظل قواته أو تحت أفياء سفارته..
ولكي لا أتهم نفسي بالغباء، ولأني لم أجد توصيفا ينطبق على ما قاله يمكن أن يندرج تحت التفصيلات الأربعة التي ذكرناها آنفا..أحسبه فقط قد فقد توازنه لأنه بات يتيم الأب!!...
كلام قبل السلام: عندما يخرج معجون الأسنان من عبوته يستحيل إرجاعه مره اخرى!!!
سلام...
https://telegram.me/buratha